يبرز التعاون التعليمي بين السعودية وأمريكا مشهد الشراكة الاستراتيجية الوثيقة التي تنتهجها الرياض وواشنطن، ضمن تحولات إيجابية عديدة في ملف العلاقات الثنائية.
ويتجاوز التعاون مرحلة الابتعاث التقليدي إلى مرحلة أعمق تهدف إلى توطين الخبرات الأكاديمية العالمية داخل المملكة وفق مستهدفات "رؤية 2030".
ملامح التعاون التعليمي بين السعودية وأمريكا
انتقلت السعودية إلى مرحلة متقدمة من التخطيط الاستراتيجي، مستفيدة من تراكم الخبرات بعد عقود من ابتعاث مئات الآلاف من الطلبة، لتبدأ العمل الفعلي على استقطاب الجامعات الأمريكية العريقة لافتتاح فروع لها داخل مدن المملكة.
ويعيد هذا التوجه تعريف مفهوم التعاون التعليمي بين السعودية وأمريكا، بحيث لا يقتصر على إرسال الطلاب للخارج، بل يشمل جلب التجربة التعليمية الأمريكية بمعاييرها العالمية إلى الداخل.
ويبرز هذا التوجه الجديد من خلال خطوات تنفيذية أُعلن عنها مؤخرًا، إذ تم اعتماد إنشاء فرع لجامعة "نيو هايفن" الأمريكية في الرياض، والمقرر أن يبدأ استقبال الطلاب في خريف 2026.
وسيقدم هذا الفرع برامج متخصصة تشمل الأعمال والهندسة والعلوم التطبيقية، وبالتوازي مع ذلك، تم توقيع اتفاقية استراتيجية مع جامعة "أريزونا" لتأسيس حضور أكاديمي موسع، ما يعكس رغبة الطرفين في تعزيز التعاون التعليمي بين السعودية وأمريكا عبر برامج مبتكرة تدعم مهارات المستقبل وتفتح مسارات جديدة للطلاب دون تكبد عناء السفر.
وأكد يوسف البنيان، وزير التعليم السعودي، أن العلاقات التعليمية بين البلدين تمتد لأكثر من 70 عامًا، مشيرًا أن الجامعات السعودية الكبرى، مثل جامعة الملك عبدالله (كاوست) وجامعة الملك سعود، ترتبط حاليًا بأكثر من 120 اتفاقية تعاون بحثي مع مؤسسات أمريكية.
وتغطي هذه الشراكات مجالات حيوية تشمل الطاقة المتجددة، والتقنيات الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، مما يضفي صبغة بحثية وتقنية متطورة على واقع التعاون التعليمي بين السعودية وأمريكا.
وتشير الأرقام الرسمية التي أفصح عنها الوزير إلى استمرار الزخم في برامج الابتعاث التقليدية بالتوازي مع خطط التوطين، حيث يبلغ عدد الطلبة السعوديين الدارسين في الولايات المتحدة نحو 14,473 طالبًا وطالبة في 2025.
وتلعب الملحقية الثقافية دورًا محوريًا في تنظيم الفعاليات التي تعزز التبادل الثقافي، لتؤكد هذه الأرقام والجهود أن التعاون التعليمي بين السعودية وأمريكا لا يزال يمثل ركيزة صلبة في بناء الكفاءات الوطنية السعودية المؤهلة عالميًا في الطب والهندسة والإدارة وغيرها.












