تظهر أحدث بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "UN FAO" تباينًا كبيرًا في استهلاك الفرد للحوم حول العالم، حيث تتصدر دولة تونغا القائمة بمعدل استهلاك سنوي يبلغ 148 كيلوغرامًا للشخص الواحد، في حين أن بوروندي تسجل 3.7 فقط كآخر بلد في القائمة.
وتعد اللحوم مصدرًا رئيسيًا للبروتين في أنحاء العالم، إلا أن شهية المناطق تختلف بشكل كبير بناءً على عوامل متعددة مثل الثروة، والثقافة المحلية، وطبيعة الزراعة المتاحة.
العوامل الثقافية والزراعية ترسم خريطة استهلاك الفرد للحوم عالميًا
ويكشف التقرير، الذي يستند إلى بيانات عام 2022، أن المراكز العليا في القائمة لا تقتصر على الدول الكبرى، فبعد تونغا، تأتي منغوليا في المرتبة الثانية (132 كغم)، تليها سانت فنسنت والغرينادين (124 كغم)، ثم هونغ كونغ (123 كغم)، والولايات المتحدة (123 كغم)، وجزر مارشال (118 كغم).
ويتضح أن تصدر القائمة الإجمالية لا يعني بالضرورة استهلاك جميع أنواع اللحوم، بل يعكس هيمنة نوع واحد في الغالب، فعلى سبيل المثال، عند تحليل استهلاك الفرد للحوم البقرية، تتصدر الأرجنتين القائمة بمعدل 46 كغم للشخص، ويرجع ذلك إلى ثقافة "الأسادو" (الشواء الأرجنتيني التقليدي)، وتتبعها زيمبابوي (44.4 كغم)، التي تعتبر حالة فريدة في القارة الأفريقية نظرًا لاعتماد نظامها الغذائي الوطني على لحوم البقر.
أما في فئة الدواجن، فتتصدر سانت فنسنت والغرينادين (94.1 كغم)، تليها تونغا (90.6 كغم)، وكلاهما من الدول التي تتصدر القائمة الإجمالية.
وتظهر هذه الفئة نمطًا واضحًا، حيث أن معظم الدول الخمس الأولى هي دول جزرية، ويُعزى هذا إلى كون الدجاج مصدرًا للبروتين ميسور التكلفة يسهل تربيته في أماكن ذات أراضٍ محدودة، مما يرفع إجمالي استهلاك الفرد للحوم في هذه الدول.
ويقدم استهلاك الفرد للحوم الماعز والضأن صورة مختلفة تمامًا، إذ تكتسح منغوليا هذا التصنيف بفارق شاسع (68.5 كغم)، وهو ما يعكس نمط الحياة الرعوي لسكانها، ففي ظل المناظر الطبيعية القاسية وغير الخصبة التي تجعل زراعة المحاصيل صعبة، تعتمد الحياة هناك على الماشية، كما تُعد دهون الحيوانات ضرورية للبقاء في الطقس البارد.
ويتضح مما سبق أن خريطة استهلاك الفرد للحوم معقدة، وأن المعدل الإجمالي لكل دولة (كما في حالة تونغا ومنغوليا) هو ناتج لتفضيلات قوية جدًا لنوع معين من اللحوم، سواء كان الدجاج في الجزر أو الضأن في السهول، مما يرسم صورة واضحة لكيفية تشكيل الجغرافيا والثقافة للغذاء العالمي.










