أصبح الحديث عن نشر قوات السلام في غزة محور جدل دولي وإقليمي واسع، وسط تباين حاد في الرؤى بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والأمريكية حول طبيعة مهامها وصلاحياتها، فبينما يراها الفلسطينيون أداة للمراقبة وحفظ الحدود، يسعى كيان الاحتلال والولايات المتحدة لتكون أداة أمنية تفرض واقعًا جديدًا في القطاع.
تباين الصلاحيات يهدد مستقبل قوات السلام في غزة
يَبرُز الموقف الفلسطيني موحدًا في قبوله المبدئي للفكرة، لكن بشروط صارمة تضمن السيادة الكاملة، فقد رحبت السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بوجود قوة دولية شرط أن تكون تحت مرجعيتهما، بينما شددت حركة فتح على ضرورة أن يقتصر انتشارها على الحدود وليس داخل القطاع.
وفي السياق ذاته، أكد رئيس حركة حماس في غزة، خليل الحية، قبول الفصائل بقوات السلام في غزة كقوة فصل ومراقبة لوقف إطلاق النار، مشددًا على أن أي دور لها يجب أن يحدده قرار أممي واضح يرفض أي شكل من أشكال الوصاية أو الانتداب.
وعلى النقيض تمامًا، يتمسك الاحتلال برؤية أمنية بحتة، فقد أوضح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن سياسة إسرائيل ستبقى قائمة على الدفاع عن نفسها بقوتها الذاتية، وأنها ستتصرف وفق مصالحها الخاصة.
وذهب مكتب نتنياهو إلى أبعد من ذلك، حيث أبلغ واشنطن برفضه القاطع لمشاركة قوات من دول معينة، وعلى رأسها تركيا، ضمن أي تشكيل مستقبلي لقوات السلام في غزة.
وتأتي الرؤية الأمريكية لتتقاطع بشكل كبير مع الموقف الإسرائيلي، فقد أعلن الرئيس دونالد ترامب أن قوة إرساء الاستقرار ستُنشر قريبًا، لكن وزير الخارجية ماركو روبيو اشترط أن تكون القوة متعددة الجنسيات “مريحة” لإسرائيل.
ويتناقض هذا التصور بشكل مباشر مع الرؤية الفلسطينية، حيث إن الهدف الأمريكي-الإسرائيلي من قوات السلام في غزة هو نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وفرض السيطرة الأمنية، وهو ما يرفضه الفلسطينيون جملةً وتفصيلًا، مما يضع مستقبل هذه القوة ومهمتها في مهب الخلافات العميقة.












