تكشف بيانات رسمية حديثة عن تركز ظاهرة الإيجارات المرتفعة في مناطق محددة بالسعودية، أبرزها الرياض التي تستحوذ وحدها على حصة تبلغ 40% من إجمالي الوحدات السكنية المؤجرة للأسر السعودية بقيمة تفوق 30 ألف ريال.
وتشكل هذه الأرقام، الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، الخلفية التي استدعت تدخلًا حكوميًا تمثل في قرار مجلس الوزراء أواخر سبتمبر بمنع أي زيادات في الإيجارات السكنية والتجارية في الرياض لمدة خمس سنوات، في خطوة تهدف إلى كبح جماح التضخم وإعادة التوازن للسوق العقاري.
تتصدر الرياض المشهد بفارق هائل عن بقية المدن، حيث تظهر بيانات شبكة “إيجار” الحكومية وجود أكثر من 137 ألف وحدة سكنية مؤجرة لأسر سعودية بقيمة تتجاوز 30 ألف ريال.
وتمثل هذه الشريحة الفاخرة نسبة تبلغ 40% من إجمالي الوحدات المؤجرة لهذه الفئة في المدينة، مما يجعل الرياض المعقل الأبرز لظاهرة الإيجارات المرتفعة في المملكة.
وخارج العاصمة، تتوزع نسب الإيجارات المرتفعة بشكل أقل حدة، لكنها تظل مؤثرة، وتحل المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية بحصة تبلغ 10.8%، وبعدد يتجاوز 25 ألف وحدة سكنية فاخرة، تليها منطقة مكة المكرمة التي تستحوذ على 6.95% من هذه الشريحة بأكثر من 26 ألف وحدة.
وتكشف البيانات أيضًا عن وجود جيوب لهذه الظاهرة في مدن أخرى مثل حائل والمدينة المنورة، مما يشير أن ارتفاع تكاليف السكن لم يعد مقتصرًا على المراكز الاقتصادية الكبرى فقط.
واستجابةً لهذا الواقع الذي قاد معدلات التضخم خلال العامين الماضيين، جاء قرار مجلس الوزراء في 25 سبتمبر المنقضي كأداة تنظيمية حاسمة.
وينص القرار، الذي صدر ضمن حزمة توجيهات من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على منع أي زيادة سنوية في قيمة الإيجارات السكنية والتجارية داخل نطاق مدينة الرياض لمدة خمس سنوات كاملة، ويسري القرار على العقود الجديدة والقائمة على حد سواء، في محاولة قوية لضبط إيقاع السوق الذي شهد ارتفاعات بلغت 25% بين عامي 2022 و2024.
ويأتي هذا القرار بعد دراسات معمقة قامت بها الهيئة العامة للعقار، وبعد أن كشفت استطلاعات رأي حديثة، مثل تلك التي أجرتها “نايت فرانك”، عن صعوبة بالغة يواجهها المستأجرون في العثور على سكن ملائم ضمن ميزانياتهم، حيث إن شريحة كبيرة منهم لا تستطيع تحمل أكثر من 40 ألف ريال سنويًا.