يشهد عالم الطاقة انقسامًا متزايدًا بين مصدرين رئيسيين للنفط الخام، لكل منهما خصائصه الجيولوجية، وتكلفته، وأثره الجيوسياسي، فبينما يظل النفط التقليدي العمود الفقري لإمدادات الطاقة العالمية، مستحوذًا على حوالي 77% من الإنتاج العالمي، برز النفط غير التقليدي كقوة ثورية صاعدة تشكل الآن 23% من السوق، معيدةً رسم موازين القوى بين الدول المنتجة والمستهلكة.
يعرّف النفط التقليدي بأنه النفط الذي يُستخرج من مكامن ذات نفاذية ومسامية عالية، مما يسمح له بالتدفق بسهولة نسبيًا إلى سطح الأرض عبر الآبار العمودية التقليدية.
وتتميز عملية استخراجه بانخفاض تكلفتها نسبيًا، كما أن معدل تراجع إنتاج آباره يكون بطيئًا ومستقرًا على المدى الطويل، ولعقود طويلة، شكّلت دول مثل المملكة العربية السعودية، وروسيا، والعراق، والإمارات، والكويت، حجر الزاوية في سوق النفط العالمي بفضل احتياطياتها الهائلة من هذا النوع من النفط.
وفي المقابل، يمثل النفط الصخري، وهو المصطلح العلمي والأكثر شيوعًا لأبرز أنواع النفط غير التقليدي، تحديًا تقنيًا واقتصاديًا مختلفًا، فهذا النوع يكون محتجزًا داخل طبقات صخرية منخفضة النفاذية، مما يجعل استخراجه بالطرق التقليدية شبه مستحيل.
وأدت الثورة التقنية، وتحديدًا تطوير تقنيتي الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي إلى فتح الباب أمام استغلال هذه الموارد الهائلة.
وتتطلب هذه التقنيات ضخ كميات كبيرة من الماء والمواد الكيميائية بضغط عالٍ لتكسير الصخور وتحرير النفط، مما يجعل تكلفتها أعلى بكثير ومعدل تراجع إنتاجها أسرع بشكل حاد، الأمر الذي يستلزم حفر آبار جديدة باستمرار للحفاظ على مستويات الإنتاج.
وأحدثت هذه الطفرة، التي قادتها الولايات المتحدة، تغييرًا جذريًا في أسواق الطاقة، فبعد أن كانت أكبر مستورد للنفط في العالم، تحولت الولايات المتحدة إلى لاعب رئيسي في الإنتاج والتصدير، كما برزت كندا بفضل الرمال النفطية، وفنزويلا باحتياطياتها من النفط الثقيل جداً، كدولتين محوريتين في خارطة إنتاج النفط غير التقليدي.
وعلى الصعيد البيئي، تزداد حدة النقاش حول الآثار المترتبة على التوسع في إنتاج النفط الصخري، فعمليات التكسير الهيدروليكي تستهلك كميات هائلة من المياه وتثير مخاوف بشأن احتمالية تلوث المياه الجوفية، كما أن البصمة الكربونية لاستخراج ومعالجة النفط غير التقليدي غالبًا ما تكون أعلى مقارنة بالنفط التقليدي بسبب الطاقة الكبيرة اللازمة في عمليات الإنتاج.
ويخلص الخبراء إلى أن كلا النوعين سيظلان جزءًا لا يتجزأ من مزيج الطاقة العالمي في المستقبل المنظور، فالنفط التقليدي يوفر الاستقرار والإنتاجية العالية بتكلفة أقل، بينما يوفر النفط الصخري مرونة وقدرة على الاستجابة السريعة لتغيرات السوق، لكن بتكلفة اقتصادية وبيئية أعلى، مما يجعل التوازن بينهما محركًا رئيسيًا لأسواق الطاقة العالمية.