بينما تحتضن الولايات المتحدة نحو 47.8 مليون مهاجر من مختلف القارات، اتخذت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطوة مثيرة للجدل بفرض رسوم سنوية قدرها 100 ألف دولار على تأشيرات العمال المهرة من فئة H-1B. القرار الذي يدخل حيّز التنفيذ هذا الأسبوع أثار قلقًا واسعًا في أوساط شركات التكنولوجيا العالمية، التي تعتمد منذ عقود على الكفاءات الأجنبية لتغذية قطاع الابتكار الأمريكي.
تتوزع الكتلة المهاجرة في الولايات المتحدة وفقًا لمناطق الانتماء الجغرافي، حيث تحتل الأمريكيتان الصدارة بنسبة 52.9%، أي ما يعادل 25.3 مليون مهاجر، وهو ما يعكس القرب الجغرافي والعلاقات التاريخية التي دفعت أعدادًا كبيرة من سكان أمريكا اللاتينية والكاريبي إلى التوجه شمالًا نحو الولايات المتحدة. أما آسيا وأوقيانوسيا فتأتي في المرتبة الثانية بنسبة 31.2%، بما يقارب 14.9 مليون مهاجر، وهي نسبة تعكس حجم الحضور الآسيوي المتنامي داخل المجتمع الأمريكي. بينما تشكل أوروبا 10.1% من إجمالي المهاجرين بعدد يصل إلى 4.8 مليون شخص، وتأتي أفريقيا في المرتبة الأخيرة بنسبة 5.8%، أي ما يقارب 2.8 مليون مهاجر.
وفي خضم هذه الأرقام اللافتة، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرار مثير للجدل يقضي بفرض رسوم سنوية تصل إلى 100 ألف دولار على تأشيرات العمالة الماهرة من فئة H-1B. وتُمنح هذه التأشيرات عادة للعمال الأجانب ذوي المهارات العالية في مجالات متخصصة مثل التكنولوجيا والهندسة والطب، ما يجعلها أداة مهمة للشركات الأمريكية التي تعتمد على استقدام الكفاءات من الخارج.
ويُنظر إلى القرار الجديد بوصفه خطوة مشددة ضمن توجه أوسع من إدارة ترامب لتقييد الهجرة وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية. ومن المتوقع أن ينعكس هذا الإجراء بشكل مباشر على المهاجرين القادمين من آسيا تحديدًا، كونهم يمثلون ثاني أكبر كتلة مهاجرة في البلاد بعد سكان الأميركيتين. كما أن فئة كبيرة منهم تدخل الولايات المتحدة عبر برامج العمل التي تشمل تأشيرات مثل H-1B.
يرى مراقبون أن توقيت القرار يعكس محاولة لإعادة هيكلة سوق العمل المحلي عبر دفع الشركات إلى الاعتماد بدرجة أكبر على الكوادر الأمريكية. لكن في المقابل، يُطرح تساؤل حول مدى تأثير هذه السياسة على قدرة الولايات المتحدة في الحفاظ على جاذبيتها كوجهة أولى للمهاجرين من مختلف أنحاء العالم، خصوصًا في ظل وجود أكثر من 47 مليون شخص يعيشون بالفعل داخل أراضيها كمهاجرين.
كما يثير القرار الجديد مخاوف بين قطاعات واسعة من المهاجرين الحاليين والمحتملين، إذ يُنظر إلى فرض رسوم مرتفعة كهذه باعتباره حاجزًا إضافيًا يعقّد فرص الحصول على تأشيرة عمل في الولايات المتحدة. هذا في الوقت الذي تُظهر فيه الأرقام أن الهجرة من القارات الأربع تُسهم مجتمعة في تشكيل لوحة فسيفسائية تعكس هوية المجتمع الأمريكي الحديث.
وعلى الرغم من أن سياسة ترامب الجديدة لا تغير من واقع أن الولايات المتحدة ما زالت تتصدر العالم كأكبر مستقبل للمهاجرين، إلا أن فرض رسوم مالية بهذا الحجم على تأشيرات العمالة الماهرة قد يعيد رسم ملامح تدفق المهاجرين في المستقبل القريب، ويؤثر على توزيعهم بين القارات المختلفة، خاصة آسيا التي ارتبطت بشكل وثيق ببرامج استقدام العمالة الماهرة.
اقرأ أيضًا:
رسوم “تأشيرات H-1B”.. حلم العمل بأمريكا يصبح أصعب
إنفوجرافيك| أكبر الصناعات بالولايات المتحدة الأمريكية
اتفاق لإنهاء حرب المعادن بين الولايات المتحدة والصين