كشفت أحدث الإحصاءات الصادرة عن منظمات رصد صحفية، مع اقتراب حرب غزة من إتمام عامها الثاني، أن عدد القتلى الصحفيين في غزة سجل رقمًا قياسيًا مروعًا لم يسبق له مثيل في تاريخ الحروب الحديثة.
تظهر البيانات أن ما لا يقل عن 270 صحفيًا وعاملًا في مجال الإعلام قد قُتلوا منذ بدء النزاع، وهو رقم يتجاوز بشكل كبير الخسائر المسجلة في صراعات دامية أخرى، مثل حربي فيتنام وكمبوديا مجتمعتين (65 قتيلًا)، أو حتى الحرب العالمية الأولى والثانية (60 قتيلًا).
تتفق هيئات مراقبة الصحافة على أن أي ساحة معركة لم تكن مميتة للصحفيين كما كانت غزة، وبينما تتراوح الأرقام التي جمعتها مجموعات مختلفة بين 145 و270 قتيلًا، فإن أعلى الإحصاءات، التي سجلتها منظمات الرصد الإقليمية بحلول أغسطس 2025، تؤكد أن عدد القتلى الصحفيين في غزة هو الأعلى على الإطلاق.
تفوق هذه الحصيلة الخسائر البشرية في صفوف الصحفيين خلال حرب أفغانستان (75)، وحرب يوغوسلافيا (35)، والحرب الكورية (15)، مما يرسم صورة قاتمة لبيئة العمل الصحفي في القطاع المحاصر.
ويشكل الصحفيون الفلسطينيون غالبية الضحايا، فمع منع المراسلين الأجانب من دخول غزة، تحمّل الصحفيون المحليون على عاتقهم عبء تغطية الحرب، ليصبحوا عيون العالم على الأرض.
وتقول المنظمات الحقوقية إن هذا الاستهداف الممنهج أدى إلى فجوات كبيرة في توثيق الأحداث، مما يثير مخاوف جدية من أن العديد من الانتهاكات قد لا تُسجل أبدًا.
وفي مواجهة هذه الاتهامات، يرفض المسؤولون داخل كيان الاحتلال ادعاءات الاستهداف المتعمد، ويقولون إن العمليات العسكرية تركز على مقاتلي حماس الذين يعملون من مناطق مدنية، مما يعرض أي شخص قريب للخطر، بمن فيهم المراسلون.
وأدى ارتفاع عدد القتلى الصحفيين في غزة إلى ما تصفه جماعات حقوقية بـ “فراغ إخباري”، في إشارة إلى صعوبة تغطية ما يحدث حقيقة على الأرض ونقله للمجتمع العالمي.
ويأتي هذا التصعيد في سياق نزاع ممتد، لكن مرحلته الأخيرة اندلعت بعد هجمات 7 أكتوبر في جنوب الأراضي المحتلة، والتي قُتل فيها أكثر من ألف شخص واحتُجز رهائن.
ومنذ ذلك الحين، أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل عشرات الآلاف في غزة، وفقًا للسلطات المحلية والمراقبين الدوليين.
وتصف جماعات حقوق الإنسان حجم القتل بأنه غير مسبوق، وتتهم إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وهي تهمة تنفيها إسرائيل بشدة.
وفي ظل هذا الواقع، تحذر منظمات الدعم من أن الالتزامات الدولية بحماية الصحفيين تبدو “جوفاء” عندما يتم اختبارها في غزة، حيث أن عدد القتلى الصحفيين في غزة يثبت فشل هذه المنظومة.