تتجاوز رياضة “فورمولا 1” كونها مجرد منافسة في السرعة، بل هي مرآة تعكس التحولات العالمية في الثقافة والاقتصاد على مدار أكثر من 7 عقود.
وتعتبر قائمة الحلبات الأكثر استضافة للسباقات سجلًا تاريخيًا يروي قصة تطور البطولة من بداياتها الأوروبية العريقة إلى ظاهرة عالمية تجوب القارات.
وتظهر البيانات أن اللعبة رغم توسعها المستمر، لا تزال تحتفظ بجوهر أوروبي صلب، حيث تشكل الحلبات الكلاسيكية في القارة العجوز العمود الفقري لتاريخ هذه الرياضة.
تهيمن الحلبات الأوروبية على قمة القائمة، مما يؤكد على الدور التأسيسي لأوروبا في العقود الأولى من بطولة العالم التي انطلقت عام 1950.
وتأتي حلبة “أوتودرومو ناسيونالي دي مونزا” في إيطاليا في المركز الأول، حيث استضافت 74 سباقًا، أي أنها كانت حاضرة في كل مواسم “فورمولا 1” تقريبًا باستثناء عام واحد، تليها مباشرة حلبة موناكو، التي رغم كونها أقصر مسار في البطولة (3.337 كم)، إلا أنها استضافت 71 سباقًا بفضل مكانتها المرموقة وتاريخها العريق.
وتحتل حلبة سيلفرستون في بريطانيا المركز الثالث برصيد 60 سباقًا، وتتبعها حلبة “سبا فرانكورشان” في بلجيكا، وهي أطول حلبة حالية في مسابقات “فورمولا 1” بطول (7.004 كم)، وتشتهر بمسارها الطبيعي المليء بالتحديات والمنعطفات السريعة.
كما يبرز الحضور القوي لألمانيا في تاريخ البطولة من خلال حلبتي نوربورغرينغ وهوكنهايمرينغ، اللتين استضافتا مجتمعتين 78 سباقًا.
ومع تطور رياضة فورمولا 1، بدأت البطولة في التوسع خارج حدود أوروبا، وتعتبر حلبات مثل “جيل فيلنوف” في كندا (44 سباقًا) و”سوزوكا” في اليابان (35 سباقًا) علامات فارقة في تاريخ امتداد الرياضة إلى أمريكا الشمالية وآسيا خلال أواخر القرن العشرين.
كما يمثل حضور حلبة “إنترلاغوس” في البرازيل (41 سباقًا) القاعدة الجماهيرية والشغف الكبير بالبطولة في أمريكا الجنوبية.
ويعكس تطور هذه الحلبات أيضًا تطور معايير السلامة في “فورمولا 1″؛ فبينما كانت الحلبات القديمة طويلة وخطيرة، أصبحت الحلبات الحديثة أكثر أمانًا، وإن كان ذلك أحيانًا على حساب طابعها الكلاسيكي.
