يونيو ٦, ٢٠٢٥
تابعنا
نبض
logo alelm
إنفوجرافيك| “المقر”.. لماذا سميت حضارة الـ9 آلاف عام بهذا الاسم؟

في قلب المملكة، وتحديدًا في منطقة وسطى بين محافظتي تثليث “عسير” ووادي الدواسر “الرياض”، يقع موقع حضارة “المقر” الأثري، الذي يقدم شواهد استثنائية على وجود بشري يعود إلى الحقبة النيوليتية، قبل نحو تسعة آلاف عام.

وتم الكشف عن أسرار “المقر” في عام 2010 ميلادي/ 1431 هجريًا، حين قاد بلاغ من أحد المواطنين المهتمين بالآثار إلى العثور على رسوم صخرية ومقتنيات قديمة. ولعل أبرز ما يميز هذا الاكتشاف هو مجموعة المنحوتات والمجسمات الصخرية التي تجسد الخيول، والتي تشير بقوة إلى أن أولى محاولات استئناس الخيل عالميًا ربما انطلقت من هذه الأرض، متقدمة بذلك على أي موقع آخر معروف.

وأسفرت أعمال التنقيب في الموقع عن جمع ما يناهز 80 قطعة أثرية، تعكس جوانب متعددة من حياة تلك الحضارة البائدة. فإلى جانب الأدلة على ترويض الخيول، والتي تظهر في منحوتات دقيقة لرأس الخيل وأكتافه وكاهله (بلغ وزن إحدى هذه المنحوتات 135 كجم)، مما يوحي باستخدام أدوات تحكم كالنجر، تم العثور على مجسمات لحيوانات أخرى كالأسماك، والكلاب بأنواعها كالسلوقي، والنعام، والماعز، والأغنام، وطيور جارحة كالصقور. كما ضمت المكتشفات رؤوس سهام ومكاشط حجرية دقيقة وأدوات متنوعة استخدمها إنسان تلك الفترة.

لماذا تمت تسمية حضارة “المقر” بهذا الاسم؟

استمد هذا الموقع الهام اسمه من التسمية المحلية الراهنة للمنطقة التي احتضنت يومًا ما مجتمعًا إنسانيًا مستقرًا ومزدهرًا. ولا تقتصر أهمية “المقر” على الجانب الحيواني أو الأدواتي، بل تمتد لتشمل رموزًا ثقافية أصيلة تعود للعصر الحجري الحديث، وتُعد جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية العريقة لشبه الجزيرة العربية. من هذه الرموز، تبرز الفروسية وعشق تربية الخيل، وحمل الخنجر كعلامة مميزة، بالإضافة إلى ممارسة الصقارة والصيد بكلاب السلق، وهي تقاليد لا تزال أصداؤها حاضرة حتى اليوم.

وعلى الرغم من أن موقع حضارة المقر يقع حاليًا ضمن نطاق صحراوي يتسم بالجفاف، فإن طبيعة اللقى الأثرية المتنوعة وغناها تدل بشكل قاطع على أن المنطقة شهدت في الماضي السحيق ازدهارًا حضاريًا لافتًا. وقد دعمت الأبحاث والدراسات هذا الاستنتاج، حيث أشارت إلى أن هذه البقعة الجغرافية كانت تتميز ببيئة طبيعية غنية بالأودية المتدفقة والأنهار والمراعي الخضراء اليانعة، وهي عوامل شكلت بلا شك الأساس الذي قام عليه استقرار الإنسان وازدهار حضارته وتفاعله الفريد مع محيطه، بما في ذلك علاقته المبكرة بالخيل.

شارك هذا المنشور:

السابقة المقالة

كيف تغيرت هدايا الحجاج لأهلهم عبر الزمن؟

المقالة التالية

هل يعمل قطار المشاعر على مدار العام؟