كشفت دراسة علمية حديثة أن تناول حفنة من الجوز قبل الخلود إلى النوم قد يكون الحل الأمثل لمن يعانون من تقطع النوم والأرق، حيث أظهرت النتائج أن هذه العادة البسيطة يمكن أن تحسن بشكل ملحوظ جودة النوم وتزيد من الشعور باليقظة خلال النهار.
ونُشرت هذه الدراسة في مجلة “Food and Function” العلمية، وأشارت إلى أن استهلاك 40 غرامًا من الجوز (ما يعادل ثلث كوب تقريبًا) مع وجبة العشاء يوميًا لمدة ثمانية أسابيع أدى إلى تحسين إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم، ورفع مستوى جودة النوم بشكل عام لدى الشباب البالغين.
ورغم أن الأبحاث السابقة ربطت بين تناول المكسرات وتحسين الراحة، إلا أن هذه الدراسة تقدم دليلًا أقوى، وفي هذا السياق، قالت مؤلفة الدراسة ماريا إزكويردو بوليدو، وهي أستاذة في علوم الغذاء وفن الطهي بجامعة برشلونة: “دراستنا هي الأولى التي تقدم دليلًا تجريبيًا من خلال تدخل غذائي، مما يثبت وجود علاقة سببية ومباشرة بين الاستهلاك اليومي للجوز وتحسين نوعية النوم”.
أجرى الباحثون بقيادة البروفيسورة بوليدو تجربة استمرت 18 أسبوعًا، شارك فيها 76 شابًا بالغًا تتراوح أعمارهم بين 20 و35 عامًا.
قُسّم المشاركون في المرحلة الأولى التي استمرت ثمانية أسابيع إلى مجموعتين، الأولى تناولت 40 غرامًا من الجوز مع العشاء يوميًا، بينما لم تتناوله المجموعة الثانية، مع توجيه المشاركين بتجنب تناول أي أنواع أخرى من المكسرات خلال هذه الفترة، وبعد فترة راحة لمدة أسبوعين، تبادلت المجموعتان الأدوار، حيث توقفت المجموعة الأولى عن تناول الجوز وبدأت الثانية في استهلاكه.
واستخدم الباحثون طرق دقيقة لقياس النتائج، حيث قدم المشاركون عينات بول لقياس مستويات إنتاج الميلاتونين، كما ارتدوا أجهزة تتبع على معصمهم لمدة سبعة أيام متتالية في كل مرحلة، لرصد أنماط نومهم، ومستويات نشاطهم، ودرجة حرارة الجلد، ومدى تعرضهم للضوء، وتم تقييم جودة نومهم أيضًا باستخدام مقياس عالمي يركز على أربعة جوانب رئيسية، تشمل فترة ما قبل النوم، ونسبة الوقت الذي يقضيه الشخص نائمًا في السرير، وعدد مرات الاستيقاظ، ومقدار الوقت الذي يقضيه الشخص مستيقظًا بعد النوم.
وأظهرت النتائج خلال فترة تناول الجوز زيادة كبيرة في إنتاج الميلاتونين المسائي، واستغراق المشاركين وقتًا أقل للنوم، وحصولهم على درجات أعلى في مقياس جودة النوم العالمية، بالإضافة إلى إبلاغهم عن شعور أقل بالنعاس أثناء النهار.
يعزو الباحثون هذه النتائج الإيجابية إلى احتواء الجوز على مركبات كيميائية فريدة تعزز النوم، حيث قام فريق البحث بتحليل عينات من الجوز المستخدم في الدراسة، ووجدوا أنه يحتوي على متوسط 84.6 ملليغرام من حمض التريبتوفان، و118 نانوغرام من هرمون الميلاتونين، ونسبة ممتازة من التريبتوفان إلى الأحماض الأمينية المنافسة (CAA) بلغت 0.058.
وتوضح أخصائية علم النفس السلوكي للنوم، دانييلا ماركيتي، أن كل عنصر من هذه العناصر له دور حيوي في تحسين الراحة، فحمض التريبتوفان هو “نقطة الانطلاق الكيميائية الحيوية” لتصنيع هرموني السيروتونين والميلاتونين، وكلاهما ينظم دورة النوم.
أما الميلاتونين، فيُعرف بـ “هرمون النوم”، حيث ترتفع مستوياته في المساء ليرسل إشارة للجسم بأن وقت النوم قد حان، وبالتالي، فإن تناول أطعمة تحتوي على الميلاتونين، مثل الجوز، يمكن أن يعزز هذه الإشارات ويساعد الجسم على الاستعداد للنوم.
وتضيف ماركيتي أن نسبة التريبتوفان إلى الأحماض الأمينية المنافسة تلعب دورًا حاسمًا، فوجود نسبة عالية يعني أن التريبتوفان لديه فرصة أفضل لعبور الحاجز الدموي الدماغي والوصول إلى الدماغ لأداء وظيفته بفعالية.
ورغم هذه النتائج القوية، توصي ماركيتي بالاعتدال، مؤكدة أن الجوز يُعتبر غذاءً معززًا للنوم ولكنه ليس بديلاً علاجيًا للأرق المزمن.