قد يبدو تجنب مشاهدة المقاطع العنيفة أو المشاهد المروّعة، على وسائل التواصل الاجتماعي، أمرًا خارجًا عن السيطرة، وكأنك مضطر لمشاهدتها رغمًا عنك. لكن في الواقع هناك خطوات عملية يمكن أن تساعدك في تقليل احتمالية التعرّض لمثل هذا النوع من المواد.
ومن الواضح أن منصات التواصل الاجتماعي صُممت في الأساس لتعظيم المشاركة وزيادة الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة، وليس لتأمين راحتك النفسية. وفي الفترة الأخيرة، تراجعت جهود العديد من هذه المنصات في مراقبة المحتوى وحذفه، ما جعل ظهور المواد المزعجة أمرًا أكثر شيوعًا.
لكن من المهم أن تعرف أنك لست ملزمًا بمشاهدة كل ما يُعرض أمامك. إذ إن حماية صحتك النفسية لا تعني أنك تتجاهل الواقع، بل هي وسيلة للحفاظ على طاقتك العاطفية وقدرتك على التفاعل مع الآخرين. كما تقول الباحثة في جامعة كولورادو بولدر في تأثيرات شبكات التواصل على الصحة العقلية، آني مارغريت، التي تؤكد أن إدارة انتباهك تعني حماية نفسك من الاستنزاف لتظل متوازنًا وأكثر تعاطفًا مع من حولك.
تشير الدراسات إلى أن الانغماس المستمر في مشاهد صادمة أو عنيفة يزيد من مستويات القلق والتوتر، ويولد شعورًا بالعجز أمام ما يجري. ولا تقتصر هذه التأثيرات على المدى القريب، بل يمكن أن تؤثر في قدرتك على مواجهة الضغوط اليومية والعناية بنفسك وبغيرك على المدى الطويل.
ويُعتبر الانتباه الذي تمنحه أو تسحبه هو شكل من أشكال العناية الذاتية. ولا يعني تقليص تعرّضك للمحتوى المؤذي انسحابًا من العالم، بل هو استعادة للقدرة على التفكير بوضوح والإبداع. فتخيّل الأمر كما لو كان طعامًا، ستجد انه ليس كل ما يوضع أمامك صالحًا للأكل، وكذلك ليس كل ما يعرض على شاشتك يستحق أن تستهلكه ذهنيًا.
رغم صعوبة السيطرة على كل ما يظهر على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هناك إجراءات بسيطة تمنحك تحكمًا أكبر ومنها:
ومن المهم أن نتذكر أن خوارزميات هذه المنصات ليست محايدة؛ فهي مبرمجة لجذبك، حتى لو كان الثمن هو عرض محتوى مثير للغضب أو الذعر، بخلاف أن كل دقيقة تُمنح للمشاهدة السلبية تعزز من مكاسب الشركات، لا من مصلحتك. وتؤكد آني مارغريت، أن اختيار حماية انتباهك هو استعادة لسلطتك، والامتناع عن مشاهدة كل صورة صادمة ليس تجاهلًا، بل خطوة واعية لحماية ذاتك. حين تُبقي تركيزك بعيدًا عن المواد المستنزفة، فإنك تحفظ طاقتك لتوظيفها في أفعال ذات قيمة حقيقية.
اقرأ أيضًا:
كيف ترى الدول حظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال؟
حظر أستراليا وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال يهدد شركات التقنية
الشعوب التي تقضي معظم وقتها على وسائل التواصل الاجتماعي