logo alelm
لقاح «عالمي» للسرطان يدخل التجارب البشرية وقد ينجح في علاج جميع أنواعه

ماذا لو أمكن لطبيبك أن يصف لك لقاحًا جاهزًا ضد السرطان، تمامًا كما يوصف لقاح الإنفلونزا؟ لا انتظار لتحاليل معقدة، ولا شهورًا ضائعة في تصنيع علاج مخصص، بل جرعة جاهزة تحفّز مناعتك فورًا وتُربك الورم قبل أن يستفحل.

هذا ما يعد به لقاح جديد دخل للتو مرحلة التجارب السريرية على البشر، بعد أن أظهر في الفئران نتائج «استثنائية» بحسب الباحثين.

يأتي هذا التطور بعد عقود من محاولات تطوير لقاحات سرطانية تُشبه في آليتها لقاحات الفيروسات، لكن مع فارق جوهري، فليس هدفها الوقاية، بل الهجوم العلاجي على الورم نفسه.

غير أن تلك المحاولات غالبًا ما كانت تصطدم بحاجز التخصيص، إذ يتطلب كل لقاح أن يُصمَّم حسب بصمة الورم الجيني الخاصة بكل مريض، مما يستغرق وقتًا ثمينًا بينما يواصل السرطان تطوره.

في هذا السياق، تبرز المفارقة، أن السرطان يتحرك بسرعة، بينما الطب يرد ببطء.

ما الذي يميز هذا اللقاح؟

بخلاف معظم اللقاحات السابقة، يستند هذا اللقاح التجريبي إلى تكنولوجيا الحمض الريبي المرسال (mRNA) نفسها التي غيرت قواعد اللعبة خلال جائحة كوفيد-19. لكن بدلاً من تدريب الجهاز المناعي على التعرف إلى فيروس، يستهدف اللقاح الجديد تحفيز إنتاج «إنترفيرونات من النوع الأول»، وهي جزيئات تؤدي دورًا حاسمًا في استشعار الخلايا السرطانية وإطلاق استجابة مناعية أولية قوية.

بعبارة أخرى، لا يبحث هذا اللقاح عن خصائص دقيقة لكل ورم، بل يستفز المناعة للقيام بما خُلقت لأجله، ويشنّ هجومًا فوريًا على التهديدات الغامضة، بما فيها الأورام الصلبة.

يقول الدكتور إيلياس سايور، أستاذ أورام الأطفال بجامعة فلوريدا وكبير الباحثين في الدراسة، إن «الفكرة أن يكون العلاج متاحًا فورًا، حتى وإن لم يكن مخصصًا. هذا قد يُحدث ثورة في كيفية إدارة السرطان». ويضيف في مقابلة مع موقع «Live Science» أن هذا النهج يشبه الضغط على زر «إعادة تشغيل» لجهاز المناعة، بحيث يستعيد قدرته على رصد الأورام التي عادة ما تُخفي إشاراتها.

هل يعمل اللقاح فعلًا؟

بحسب الدراسة المنشورة في يوليو الماضي بمجلة «Nature Biomedical Engineering»، أظهر اللقاح فعالية مذهلة في تجارب على الفئران المصابة بأورام الجلد (الميلانوما)، وأورام الدماغ، وسرطان العظام المنتشر إلى الرئة.

في كل تجربة تقريبًا، ساعد اللقاح على كبح نمو الورم، بل ضاعف فاعلية علاجات مناعية قائمة تعرف باسم «مثبطات نقاط التفتيش»، والتي تُزيل الكوابح من جهاز المناعة وتسمح له بمواصلة الهجوم.

الأهم أن اللقاح أظهر تأثيرًا حتى ضد الأورام المقاومة للعلاجات التقليدية، مما يفتح بابًا أوسع لفئة من المرضى كانوا في السابق خارج نطاق الاستفادة من العلاجات المناعية.

كيف يختلف عن اللقاحات السرطانية الأخرى؟

في معظم الحالات، تُبنى اللقاحات المناعية ضد السرطان على أساس بصمة بروتينية فريدة للورم. لكن هذه البصمات تختلف بين مريض وآخر، بل وحتى بين أجزاء مختلفة من الورم ذاته. لذا فإن صنع لقاح مخصص لكل مريض يُعد سباقًا مع الزمن.

ووفق سايور، «قد يستغرق الأمر أشهرًا بين أخذ العينة وتحضير العلاج، وهي فترة قد يتغير فيها الورم ويُفلت من الاستهداف».

أما اللقاح الجديد، فيُلغي الحاجة إلى التخصيص الأولي. بل يعمل كمنبه عام يطلق صافرة الإنذار الأولى، ومن ثم يمكن لاحقًا دعمه بلقاح مخصص يُكمّل الضربة.

هل يصلح لجميع أنواع السرطان؟

يرى سايور أن الإمكانيات واعدة بما يكفي لاعتبار هذا اللقاح «شاملًا».

ورغم أن الدراسة ركّزت على الأورام الصلبة، التي تُعد عادة أكثر مقاومة للعلاج المناعي مقارنة بسرطانات الدم، فإن النتائج تُشير إلى إمكانية توسيع نطاق التطبيق.

هذا ما تؤكده أيضًا البروفيسورة ديانا عزام، مديرة مركز تطوير علاجات السرطان المُخصصة بجامعة فلوريدا الدولية، التي لم تشارك في الدراسة. تقول في تعليق لـ«Live Science»، إن «هذا اللقاح قد يكون بارقة أمل خاصة للأورام الباردة مثل البنكرياس والمبيض وبعض سرطانات الثدي، التي عادة ما تتخفى من جهاز المناعة».

لكن عزام تُحذر من أن التجارب البشرية لا تزال في بدايتها، مشيرة إلى ضرورة التأكد من عدم حدوث التهابات مناعية مزمنة نتيجة التحفيز العام للمناعة، وهي من أبرز التحديات المنتظرة في المراحل اللاحقة.

بدأ فريق سايور بالفعل تجارب سريرية على البشر باستخدام استراتيجية مزدوجة، أولًا، إعطاء لقاح عام «جاهز من الرف»، يليه لقاح مخصص لكل مريض.

وتستهدف التجربة نوعين من السرطان المتكرر: أورام الدماغ عالية الدرجة لدى الأطفال، وسرطان العظام المنتشر.

الفكرة كما يشرحها سايور هي «كسب الوقت»، أي استباق الورم برد مناعي أولي ريثما يُحَضَّر العلاج الشخصي.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

بجوائز تتجاوز 50 مليون ريال.. مهرجان ولي العهد للهجن ينطلق في سبتمبر

المقالة التالية

إنفوجرافيك| ما نفايات المحيطات الأكثر شيوعًا التي عُثر عليها خلال تنظيف السواحل؟