logo alelm
كيف حصّن صندوق الاستثمارات العامة نفسه ضد تقلبات الاقتصاد؟

في ظل التحولات الاقتصادية العالمية وتقلبات أسواق الطاقة، يواصل صندوق الاستثمارات العامة ترسيخ مكانته كأحد أقوى الصناديق السيادية في العالم، وأداة محورية في تحقيق رؤية المملكة 2030. فبينما تتأرجح الاقتصادات العالمية أمام الأزمات والتغيرات، يثبت الصندوق قدرته على الاستدامة والنمو من خلال تنويع استثماراته وتوجيهها نحو قطاعات المستقبل، ما جعله نموذجًا فريدًا في الإدارة الاقتصادية الحديثة.

هذا ما أكده عدد من الخبراء خلال حديثهم في برنامج “الشارع السعودي” على قناة السعودية، مؤكدين أن الصندوق استطاع أن يحمي نفسه من تقلبات أسعار الطاقة والاقتصاد العالمي، وأنه بات اليوم أحد أهم المحركات الاقتصادية محليًا ودوليًا.

تنويع الاستثمارات وتحصين الصندوق من تقلبات الطاقة

أكد الكاتب والمستشار الاقتصادي الدكتور عبدالله بن ربيعان، أن الصندوق يتميز باستراتيجيته التي تبعده عن مخاطر دورات الطاقة، موضحًا أن “الصندوق لم يدخل في مشاريع الطاقة، وتركزت استثماراته في قطاعات المستقبل مثل الذكاء الاصطناعي، والصناعات المتقدمة، والاقتصاد الجديد، ومشروعات غير تقليدية مثل نيوم والبحر الأحمر”.

وأضاف أن الصندوق “أبعد نفسه عن التقلبات الدورية للاقتصاد، محققًا نوعًا من الاستدامة المالية”، مشيرًا إلى أنه حصل على المركز الأول للسنة الثالثة على التوالي في الحوكمة والاستدامة المالية وفق تقرير صدر قبل ثلاثة أشهر، ما يجعله “محصنًا أمام التقلبات المالية، لأن القطاعات التي يعمل فيها واعدة لعقود مقبلة”. وأشار بن ربيعان إلى أن الصندوق “يركز على أربعة قطاعات رئيسية، أبرزها الذكاء الاصطناعي والمعادن والبنية التحتية”، مضيفًا أن 80% من استثماراته داخل المملكة و20% خارجها، داعيًا إلى أن تنعكس عوائد الاستثمار الخارجي بشكل أكبر على الداخل.

مواجهة المخاطر العالمية وتحقيق النمو

من جانبه، أوضح الدكتور محمد مكني، عميد كلية الأعمال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن “كل استثمار يحمل بطبيعته قدرًا من المخاطر، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية العالمية”، مبينًا أن “الصناديق السيادية حول العالم تواجه تحديات مماثلة، لكن الصندوق السعودي نجح خلال السنوات الخمس الماضية في اقتناص فرص استثمارية مميزة ضاعفت من حجم أصوله”.

وأضاف مكني أن الصندوق “يدير اليوم نحو 4 تريليونات ريال، ويستهدف الوصول إلى 7 تريليونات ريال”، مشددًا على أن “هدف الصندوق ليس ماليًا بحتًا، بل يتركز على خلق نشاط اقتصادي حقيقي، خصوصًا في القطاع غير النفطي”. وأشار إلى أن وكالتي فيتش وموديز رفعتا تصنيف الصندوق الائتماني، وهو ما يعكس “الثقة الدولية في متانته المالية”، لافتًا إلى أن “مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل انخفاض البطالة تُظهر أثرًا مباشرًا لنشاط الصندوق في الاقتصاد الوطني”.

استراتيجية استثمارية طموحة

واستعرض الخبراء ملامح استراتيجية الصندوق، موضحين أنه أطلق برنامجه الأول عام 2017، تلاه إطلاق استراتيجيته الثانية عام 2021، والتي تستمر حتى عام 2025. ويستهدف الصندوق ضخ نحو 150 مليار ريال سنويًا في الاقتصاد الوطني، والمساهمة في توفير 1.8 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة في القطاع الخاص.
وحتى عام 2024، بلغ عدد الشركات التي أسسها الصندوق 103 شركات، بينها 16 شركة جديدة في عام واحد. ويركز الصندوق على جودة الاستثمارات واقتناس الفرص النوعية، ما مكّنه من التوسع في مجالات التقنية والاستثمارات العالمية ذات القيمة المضافة. كما يعد الصندوق ممكنًا رئيسيًا للقطاع الخاص، من خلال تسهيل استقطاب الاستثمارات التقنية وتوفير بيئة جاذبة، ما ساهم في وصول حجم الاستثمار الأجنبي التراكمي إلى نحو 977 مليار ريال.

تعزيز الكفاءات الوطنية ودعم الاقتصاد الجديد

بيّن الدكتور عبدالله بن ربيعان أن نجاح الصندوق يعود إلى “رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والدور الاستراتيجي الذي أوكل إليه”، موضحًا أن الصندوق “يضم أقل من 3000 موظف، 85% منهم سعوديون من الكفاءات العالية”. وأضاف أن “الشركات التابعة للصندوق توفر نحو 1.8 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة”، مشيرًا إلى أن الصندوق أطلق مؤخرًا مبادرة لتدريب الشباب السعودي بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، تمهيدًا لإلحاقهم بشركاته ومشاريعه الكبرى.

كما لفت إلى أن الصندوق يلعب دورًا وطنيًا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية ونقل الخبرات، موضحًا أن تحالفًا استثماريًا بقيادة الصندوق اشترى شركة الألعاب الأمريكية EA بقيمة 55 مليار دولار، مؤكدًا أهمية أن يكون لها مركز إقليمي في المملكة لدعم صناعة الترفيه والتقنية المحلية.

اقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| استحواذات صندوق الاستثمارات العامة في “تاسي”
صندوق الاستثمارات العامة يستحوذ على 54% من مجموعة “MBC”
إنفوجرافيك| محفظة استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في السوق الأمريكي

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

إنفوجرافيك| من يملك الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية؟

المقالة التالية

الفوضى السياسية تلاحق فرنسا بعد استقالة رئيس الوزراء