logo alelm
اللعب ليس للأطفال فقط.. بل مهارة منسية للقادة الناجحين

ترى كاس هولمان، مؤلفة كتاب “مرح: كيف يُغيّر اللعب تفكيرنا، ويُلهم التواصل، ويُطلق العنان للإبداع”، أن اللعب لا يقتصر على الأطفال، بل يُعدّ عنصرًا أساسيًا في الابتكار والقيادة والتواصل الفعّال.

هولمان، التي تشغل منصب المؤسس والمصمم الرئيسي لشركة الألعاب “هيرويز ويل رايز”، وأستاذة التصميم الصناعي السابقة في معهد رود آيلاند للتصميم، تجوب العالم متحدثةً عن التعليم المبكر وعملية التصميم وأهمية اللعب في الحياة اليومية. وقد نقلت خبرتها إلى ورش عمل وندوات مع فرق من شركات كبرى مثل جوجل ونايكي ومؤسسة ليغو وديزني إيماجينيرينغ.

اللعب أساس للنجاح والإبداع

وتقول هولمان إنها بدأت مسيرتها كمصممة ألعاب، لكنها مع مرور الوقت اكتشفت أن عملها الحقيقي هو تصميم بيئات تسمح باللعب والتجريب والارتجال، مشيرةً إلى أن هذا النهج لفت أنظار كبرى الشركات التي طلبت منها تطبيق فلسفة اللعب على فرق القيادة لديها.

وردًا على سؤال يتكرر كثيرًا حول ما إذا كان الكبار بحاجة إلى اللعب، تؤكد هولمان أن الإجابة نعم، موضحةً أن اللعب قد يكون “المهارة المنسية” التي تميز القادة، خاصةً في أوقات عدم اليقين، مضيفةً أن اللعب ليس تشتيتًا للانتباه، بل هو أساس للنجاح والتواصل والإبداع.

تقول هولمان، إن مفاهيم النضج التي تربط بين التحكم والإنتاجية تحتاج إلى إعادة نظر، مؤكدةً أن اللعب يمكن أن يكون طريقًا للإبداع والمرونة والتواصل الحقيقي. موضحة أن القادة الذين يسمحون لأنفسهم باللعب ينتقلون من التركيز المفرط على النتائج إلى احتضان الفضول والتجريب، ويُعيدون تعريف الفشل بوصفه فرصةً للاستكشاف والتعلّم، مشيرةً إلى أن الفرق التي تتبنى روح المرح غالبًا ما تكون أكثر نجاحًا وإنتاجية.

واستشهدت هولمان بتجربة أجرتها في مسرح الأداء بلندن، حيث جمعت مجموعة من الرؤساء التنفيذيين والمسؤولين، وتحدّتهم بـ”ابتكار طريقة للعيش في السحابة”. وقدّمت لهم أدوات بسيطة مثل ألواح وعجلات ومسامير دون أي تعليمات، طالبةً منهم ألا يبنوا شيئًا محددًا، بل أن يُبدعوا بحرية. وأوضحت أن الهدف لم يكن تنفيذ مشروع أو عرض تقديمي، بل رواية قصة جماعية.

شهدت الجلسة التي قادتها هولمان بداية متوترة، حيث بدا المشاركون مترددين في التفاعل مع التجربة الجديدة، خشية الظهور بمظهر غير جاد. لكن بعد دقائق قليلة، تغيّر المشهد كليًا؛ إذ خلع الحضور ستراتهم، وتعالت الضحكات، وتحولت الأجواء من الحذر إلى الإبداع الجماعي. تعاونت الفرق بدلًا من التنافس، ونجح المشاركون في ابتكار “آلة سحابية” وتخيلوا حياة داخل روبوت طائر.

وفي ختام التجربة، بدت المجموعة أكثر نشاطًا وانفتاحًا وتواصلًا، ليس فقط مع المهمة المطروحة، بل مع بعضهم البعض أيضًا. وتؤكد هولمان أن اللعب لا يقتصر على المتعة، بل يُعدّ وسيلة فعالة لتغيير طريقة التفكير والسلوك والقيادة، مشيرةً إلى أن ممارسته لا تحتاج إلى قاعات اجتماعات أو أدوات معقدة، بل تبدأ بخمس خطوات بسيطة

خمس طرق لدمج اللعب في حياتنا

قدّمت هولمان خمس طرق عملية لدمج اللعب في الحياة اليومية والقيادة:

استعادة روح الطفولة: تدعو هولمان إلى تذكّر الألعاب أو الأنشطة التي أحبها المرء في طفولته، مثل بناء الحصون أو الرسم أو الاستكشاف، وإعادة ابتكار نسخ منها اليوم بهدف إعادة التواصل مع الفضول والخيال الفطريين.

اللعب بالأشياء المحيطة: تشجع على التفاعل العفوي مع الأدوات البسيطة على المكتب، مثل طيّ الأوراق أو ثني مشابك الورق أو رمي شريط مطاطي على شئ، وقضاء خمس دقائق في العبث دون هدف، مشيرةً إلى أن العمل باليدين ينشّط الدماغ ويفتح آفاقًا جديدة لحل المشكلات.

اللعب الاجتماعي في الاجتماعات: تقترح هولمان إدخال روح المرح والدعابة إلى بيئة العمل من خلال كسر الجمود أو تبادل “الأفكار السيئة” عمدًا قبل الدخول في النقاش الجاد، وهو ما يساعد على خفض التوتر وتعزيز التعاون بين أعضاء الفريق.

اللعب الحركي: توصي بالتحرك أثناء المكالمات أو الاجتماعات ، مثل المشي أو التمدد أو حتى الرقص والقفز، مؤكدة أن الحركة تُعيد تنشيط الطاقة وتُحفّز الإبداع.

إفساح المجال للتجريب: ترى أن اللعب قد يبدو سخيفًا أو غير منتج، لكنه في جوهره دعوة إلى الاكتشاف. وتشجع على ابتكار أشياء غير متوقعة أو عروض بسيطة للمواهب داخل الفريق، دون السعي إلى الكمال.

يُثبت العلم أن المحترفين المبدعين يؤدون عملهم بروح مرحة. وإذا كنت ترغب في قيادةٍ فعّالة في أوقاتٍ مضطربة، فابتكر بجرأة، وعِش حياةً مليئةً بالحيوية، واستعد روح المرح. فالنجاح لا يُقاس بالمقاييس وحدها، بل بمدى شعورك بالحيوية أثناء البناء، والتصنيع، والحل، والتواصل.

اقرأ أيضًا:

ريادة الأعمال..التعريف والأنواع والأهداف

رواد الأعمال الأكثر تأثيرًا في العالم

إنفوجرافيك | أعلى الدول في ريادة الأعمال النسائية

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

لماذا يمر الوقت بسرعة حين نكبر؟

المقالة التالية

لماذا نشعر بمرور الوقت أسرع كلما تقدمنا بالعمر؟