عالم

لماذا لم يتنبأ علماء الجيولوجيا بزلزال تركيا وسوريا؟

للزلازل أن تكون مفاجئة

أبرزت المأساة الحالية التي يعيشها سكان جنوب تركيا وشمال سوريا وسط المباني المُنهارة، كيف يُمكن للزلازل أن تكون مفاجئة، وهو ما يدفع العلماء للبحث عن طرق لاكتشاف علامات الإنذار المبكر لهذه الكوارث الطبيعية التي لا يمكن التنبؤ بها.

وحصد الزلزال الذي ضرب البلدين في 6 فبراير آلاف الأرواح وخلف المئات من الجرحى أو أشخاص بلا مأوى، إذ كان معظم الضحايا نائمين عندما تسبب الزلزال الأول الذي بلغت قوته 7.8 درجات في انهيار منازلهم فوقهم .

كانت الإشارة الأولى التي حصل عليها علماء الجيولوجيا بأن هناك كارثة كبرى قادمة، هي عندما استقبلوا إشارات النشاط المفاجئ على أجهزتهم الحساسة المنتشرة في جميع أنحاء العالم، بفعل تردد صدى الموجات الزلزالية الناتجة عن الزلزال الأول، وبعد ساعات قليلة، تبع ذلك زلزالًا ثانيًا كبيرًا بلغت قوته 7.5 درجات.

ومع استمرار اهتزاز المنطقة مع توابع الزلزال، حذر خبراء في هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية من أن الناجين، وعمال الإنقاذ الذين يتدفقون الآن على المنطقة للمساعدة، يواجهون مخاطر كبيرة من الانهيارات الأرضية وضعف الأرض نتيجة للاهتزاز.

ما العائق؟

يُعتبر التنبؤ بالزلازل من الأمور الصعبة للغاية، وفي حين أن هناك معلومات يمكن الخروج بها من البيانات الزلزالية التي تعقب وقوع حدث ما، إلا أن استخدام هذه المعلومات في عمل تنبؤات مسبقة ليس سهلًا.

يقول أستاذ علوم الأرض في جامعة سابينزا في روما بإيطاليا وجامعة ولاية بنسلفانيا، كريس مارون: “عند دراسة الزلازل في المختبر، يمكن أن يرى العلماء بعض المؤشرات الصغيرة التي كانت تُشير إلى حدوث زلزال مثل بعض التشققات والعيوب، ولكن في الطبيعة هناك الكثير من عدم اليقين حول سبب عدم رؤيتنا في كثير من الأحيان للهزات الأرضية أو المؤشرات على حدوث زلزال كبير”.

ومنذ ستينيات القرن الماضي، يحاول الجيولوجيون استخدام الأساليب العلمية الحديثة للتنبؤ بالزلازل ولكن دون نجاح يذكر.

ويرى مارون أن جزءًا كبيرًا من عدم القدرة على التنبؤ يرجع إلى تعقيد أنظمة الأعطال الموجودة في العالم، بالإضافة إلى الكثير من الضوضاء الزلزالية الناتجة عن حركة الأرض المستمرة، والتي عندما تقترن بضجيج حركة المرور البشرية، وأعمال البناء والحياة اليومية، تجعل من الصعب التقاط إشارات واضحة.

وفقًا للمسح الجيولوجي بالولايات المتحدة، فإن التنبؤ الناجح بالزلازل يحتاج إلى 3 أشياء وهي: الموقع الذي سيحدث فيه، ومتى سيحدث، ومدى حجم الحدث، وحتى الآن، لا أحد يستطيع فعل ذلك بأي قدر من اليقين.

وكبديل، يحاول الجيولوجيون إطلاق تخمينات حول “خريطة المخاطر”، إذ يحسبون احتمالية وقوع زلزال خلال إطار زمني يمتد لعدة سنوات.

وفي حين أن هذه التوقعات يمكن أن تساعد في درجة معينة من التخطيط مثل تحسين معايير البناء في المناطق الأكثر عرضة للخطر، إلا أنها لا توفر مستوى التنبؤ المطلوب لتقديم تحذيرات مبكرة للجمهور للسماح لهم بالإخلاء أو الاحتماء.

إلى جانب ذلك، يكون من الصعب على كل من يعيش في منطقة زلزال أن يتحمل تكلفة البنية التحتية اللازمة للصمود أمام أعداد كبيرة من الاهتزازات.

طرق بديلة

يقول مارون إنه كانت هناك عوامل كثيرة تُشير إلى ضعف المباني في سوريا وتركيا، ما يجعلها عُرضة للتأثر القوي بالزلازل، وفي نفس الوقت فإن تقوية هذه المباني وتدعيمها لتجنب هذه التداعيات أمر مُكلف.

لذلك، كان العلماء يبحثون بدلاً من ذلك عن طرق لجعل التنبؤات بالزلازل أكثر دقة، وإلى جانب الإشارات الزلزالية، بحث الباحثون عن أدلة في مجموعة متنوعة من الأماكن من سلوك الحيوانات إلى الاضطرابات الكهربائية في الغلاف الجوي العلوي للأرض .

وكمثال بحث العلماء في الصين عن تموجات في الجسيمات المشحونة كهربائيًا في طبقة الأيونوسفير للأرض في الأيام التي سبقت الزلازل.

ومؤخرًا، تزايد الاهتمام حول قدرات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف نوع الإشارات الدقيقة التي يفوتها البشر، إذ يمكن لخوارزميات التعلم الآلي تحليل كميات هائلة من البيانات من الزلازل السابقة للبحث عن الأنماط التي يمكن استخدامها للتنبؤ بالأحداث المستقبلية.

يقول مارون، إنه طور خوارزميات مع زملائه قادرة على اكتشاف حالات الفشل في محاكاة أعطال الزلازل في المختبر، ولكنه في نفس الوقت يرى أن نقل هذه التجربة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى بيئة أكبر ومعقدة من مناطق الصدع في العالم الحقيقي أكثر صعوبة بكثير.

وحتى مع القدرة على عمل تنبؤات أفضل، لا يزال هناك سؤال حول ما يجب فعله بالمعلومات، فقد يكون إخلاء مدن بأكملها أو مطالبة الناس بالبقاء بعيدًا عن المباني المعرضة للخطر مكلفًا في حالة عدم صدق المعلومات.

أبرز ملامح نظام استئجار الدولة للعقار الجديد

المباني المُتهالكة في سوريا.. كيف جعلتها الحرب فريسة سهلة للزلزال؟

ما هي مبادرة الأطباق الوطنية السعودية؟