ما زال فيروس كوفيد-19، يطل على البشرية بين الحين والآخر بموجات عدوى جديدة حيث يتحور الفيروس بشكل متواصل، مما يتسبب في ارتفاع أعداد الحالات، ثم تراجعها ، ثم صعودها مجددا، ولكن الخريف الماضي ظهر الفيروس المخلوي التنفسي (RSV) بقوة رغم أن الغالبية لم يكن يسمع عنه من قبل، حيث أصبحت البشرية تواجه وباًء ثلاثياً في الوقت نفسه، وهو فيروس كورونا، و(RSV)، والإنفلونزا، لكن المثير للدهشة أنهم لا يصيبون المرء في آن واحد فعندما يتفشى أحدهم يختفي الفيروسان الآخران عن الساحة، مثلما حدث خلال أول شتاءين من جائحة كورونا، لقد اختفى الفيروسين (RSV)، والإنفلونزا بل وإنه من المرجح اختفاء نسخة معينة من الإنفلونزا خلال الجائحة، حيث لم يرصد برنامج المراقبة التابع لمنظمة الصحة العالمية سلالة إنفلونزا B / Yamagata منذ مارس 2020.
التداخل الفيروسي
يقول ريتشارد ويبي عالم الفيروسات في مستشفى سانت جود لبحوث الأطفال في ممفيس، إن عمليات الإغلاق وارتداء الأقنعة ساعد بشكل كبير في منع الإنفلونزا وفيروس RSV من التسلل إلى الإنسان، لكنه ليس السبب الوحيد فهناك عامل آخر يرجح أنه قد أبعدهم في أثناء احتدام فيروس Covid-19، يطلق عليه التداخل الفيروسي ، وهذا يعني ببساطة أن وجود فيروس واحد يمكن أن يمنع الآخر.
وأضاف “ويبي” أن التداخل الفيروسي قد يحدث عند إصابة مجموعات سكانية كبيرة بفيروس واحد ليعيق ازدهار الآخرين على نطاق واسع، وهو ما فعله كورونا مع الإنفلونزا و RSV”، وعند ضعف كورونا بعد أول عامين من ظهوره وبدء انحساره ظهرت الأنواع الأخرى، وعندما تحور عاد ليسيطر على الساحة مجددًا، حيث تتناوب الفيروسات على الهيمنة.
ليست المرة الأولى
وفقًا للوقائع والفيروسات التي تحدث عنها “ويلبي”، ليست المرة الأولى التي يلاحظ العلماء أن أحد الفيروسات يحد من وجود فيروسات أخرى، فبالعودة إلى عام 2009، كان الفيروس المثير للخوف آنذاك هو إنفلونزا الخنازير، حيث انتقلت العدوى من الخنازير إلى البشر في ربيع ذلك العام، وكانت التوقعات تشير إلى اتساع رقعة انتشاره ونشاطه مع حلول فصل الخريف، لكنه خمل وانحسر وانتشر فيروس الأنف، المسؤول عن نزلات البرد لعدة أسابيع، عادت إنفلونزا الخنازير لتسيطر على زمام الأمور، وهو ما أدى إلى تأخر ظهور فيروس ” RSV” عن موعد انتشاره السنوي لمدة تصل إلى شهرين ونصف.
كيف يحدث التداخل الفيروسي؟
قد يعتقد البعض أن التداخل الفيروسي هو أن يقضي فيروس على الآخر، لكن الأمور لا تسير على هذا النحو، كل ما في الأمر أن كل فيروس في فترة ازدهاره يصيب الغالبية من الأفراد ولا يسمح بدخول الآخر إلى جسم الإنسان لكنه لا يقضي على وجوده.
وقدم العلماء تفسير مبسط لما يحدث فعندما يستخدم فيروسان الجزيء نفسه للدخول إلى الخلايا المضيفة، أي جسم الإنسان، فإذا وصل الفيروس A إلى هناك أولاً ، وتمسك بجميع مقابض الأبواب الجزيئية، فلن يكون للفيروس B فرصة للدخول.
ويوضح “ويبي” أن هناك طريقة أخرى للتداخل الفيروسي أيضًا، فإذا تنافس فيروسان على الموارد نفسها داخل الخلية، فيصبح هناك أمر أشبه بالسباق بينهما فيتفوق أحدهما على الآخر في الهيمنة على الموارد المرجوة.
كما أشار العلماء إلى وجود جزء يتعلق بالجهاز المناعي للإنسان في التداخل الفيروسي أيضًا، ويسمى ” الإنترفيرون” تصنعه خلايا جميع الفقريات، فعندما تستشعر الخلية باختراقها من قبل أي فيروس، فإنها تبدأ في صنع مضاد للفيروسات، مما ينشط عددًا كبيرًا من الجينات الدفاعية، وتعمل بعض منتجات هذه الجينات داخل الخلية أو عند حدودها، حيث تمنع فيروسات إضافية من الدخول وتمنع الفيروسات الموجودة بالفعل من التكاثر أو الخروج من الخلية.
وحذر العلماء الناس من الاعتماد على الإنترفيون في مواجهة خطر الفيروسات الأخرى، أي اعتماد الإنسان أنه مصاب بفيروس الإنفلونزا فبالتالي لن يصاب بفيروس آخر، ومن ثم التوقف عن توخي الحذر، فالإنترفيون ليس فعالاً دائمًا، ومن المعروف علميًا أيضًا، أن فيروسات مثل الإنفلونزا تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية الثانوية.
بعد تفشيه في غينيا.. ما هو فيروس “ماربورغ” وكيف ينتشر؟
مسؤول صيني: إصابة 80% من السكان بفيروس كورونا
بعد أنباء إصابة لاعبي المنتخب الفرنسي قبل نهائي كأس العالم.. ما هو فيروس الإبل؟