أحداث جارية عالم

بعد اقتحام مستوطنين الأقصى من أجله.. ما هو الهيكل المزعوم؟

اقتحم مئات المستوطنين الإسرائيليين، اليوم الأحد، ساحات المسجد الأقصى، من ناحية باب المغاربة، وسط حراسة مشددة من جيش الاحتلال وتحليق مكثف لطائراته في محيط المسجد.

ومن جانبها قالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، إن ألفاً و292 مستوطناً اقتحموا باحات المسجد الأقصى، اليوم الأحد، تخليداً لما يسمى ذكرى “خراب الهيكل” المزعوم.

وفي المقابل أعلنت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، أن آلاف المستوطنين تجمعوا في ساحة البراق، واحتشد المئات منهم قبالة باب المغاربة من أجل اقتحام الأقصى، تلبية لدعوة الجمعيات الاستيطانية لتنفيذ اقتحامات جماعية لساحات الحرم، لإحياء ما يسمونه ذكرى خراب الهيكل.

ومن هذا المنطلق نستعرض معكم قصة الهيكل المزعوم الذي يدعي المستوطنون الإسرائيليون وجوده، والذي يتزرعون به لتبرير ممارساتهم الدموية ضد الشعب الفلسطيني

بداية ما هو الهيكل؟ الهيكل عند اليهود هو بيت الإله ومكان العبادة المقدس، وطوال الفترة بين عهد النبي موسى إلى عهد النبي سليمان عليهما السلام، لم يكن لليهود مكان عبادة مقدس ثابت.

لوحات الوصايا العشر كانت توضع في تابوت أطلق عليه اسم “تابوت العهد” وخصصت له خيمة عرفت بـ “خيمة الاجتماع” ترحل مع اليهود أينما رحلوا.

قصة الهيكل مرت بالعديد من المراحل والأطوار، عبر التاريخ منذ بناه النبي سليمان عليه السلام والذي امتد حكمه بين عامي 965 و928 ق.م.

الهيكل في عهد سليمان

بنى نبي الله سليمان بناء أطلق عليه اسم “الهيكل” لوضع التابوت الذي يحتوي على الوصايا العشر فيه، غير أن هذا البناء تعرض للتدمير على يد القائد البابلي نبوخذ نصَّر أثناء غزوه لأورشليم (القدس) عام 586 ق.م.

وفي عام 538 ق.م، عندما استولى الفرس على سوريا وفلسطين، وافق الملك قورش على ترك الأسرى اليهود، ومن ثم عادوا إلى أورشليم، وأمر “قورش” بإعادة بناء الهيكل.

في عام 332 ق.م، استولى الإسكندر المقدوني على فلسطين، ودخلت حقبة جديدة، وأصبح حكم أورشليم متأرجحًا بين البطالمة والسلوقيين، حتى جاء الملك السلوقي أنطيخوس الرابع حوالي عام 165 ق.م، وأجبر اليهود على اعتناق الديانة الوثنية اليونانية، وأمر بتدمير الهيكل.

ثم اندلعت ثورة المكابيين، واستقل اليهود بالفعل، وأصبحت أورشليم تُحكم من الحاسمونيين، الذي استمروا من سنة 135 ق.م إلى سنة 76 ق.م.

في عام 63 ق.م، دخل الرومان إلى أورشليم واحتلوها بقيادة “بومبي”، والذي منح اليهود بعض الحرية فيما يتعلق بالحكم الذاتي وذلك في عام 37 ق.م تحديدًا، ونصب اليهود، “هيرودوس الآدومي” الذي اعتنق اليهودية ملكًا على الجليل وبلاد يهوذا، واستمر حكمه حتى السنة الرابعة الميلادية.

حرق الهيكل

وفي عام 70 ثار اليهود ضد الإمبراطور الروماني “نيرون”، مما دفع القائد “تيتوس” لاحتلال القدس وحرق الهيكل.

وبعد أكثر من 3 عقود وفي عام 135، خرج اليهود ضد الإمبراطور هادريانوس، للمطالبة بإعادة بناء الهيكل، ولكنه نجح في إخماد الثورة، ثم قام بتدمير أورشليم وبنى مكانها مستعمرة رومانية وسماها “إيليا كابيتولينا”، ومنع اليهود من دخولها.

ثم جاء الإمبراطور قسطنطين واعتنق الديانة المسيحية، وأعاد للمدينة اسم أورشليم، بينما قامت والدته “هيلانه” ببناء الكنائس، ولكن اسم إيليا ظل متداولًا حتى فتحها المسلمون، وتسلمها الخليفة عمر بن الخطاب سنة 15 هـ/ 636م وأعطى أهلها الأمان.

ومرت السنين ولم يفكر اليهود في إحياء الهيكل إلا في القرن الـ 19، وذلك تمهيدًا لما يسمى وعد بلفور، إذ كانوا يبحثون عن أي حجة لإقامة دولتهم على أرض فلسطين، وبالتزامن مع هذه الادعاءات بدأت الصحف الغربية في نشر العديد من الكتابات لكبار الكتاب اليهود الذين يدعون لإعادة بناء الهيكل في فلسطين.

الهيكل السليماني المزعوم

ادعاءات باطلة

وفي عام 1918 وتحديدًا في 20 مارس وصلت بعثة يهودية بقيادة حاييم وايزمن، وقدمت طلبًا للجنرال “ستورز”، والذي كان يتولى منصب الحاكم العسكري البريطاني آنذاك لإنشاء ما يسمى بجامعة عبرية في القدس كما طالبت البعثة باستلام حائط البراق “المبكى”، كما قامت بالمطالبة بمشروع لتملك الأراضي في القدس.

المطالب اليهودية أحدثت أزمة بين الفلسطينيين إلى أن اشتعلت ثورتهم ضد هذا المخطط في عام 1929، وأدت المظاهرات وقتها لاشتباكات عنيفة بين المسلمين والصهاينة الذين حاولوا اقتحام ساحة الأقصى لإقامة طقوسهم الدينية بالقرب عند الحائط المبكى.

المسلمون لم يكونوا وحدهم، بل اتحد معهم مجموعة من المسيحيين وانتخبوا ما يسمى باللجنة التنفيذية للمؤتمر الإسلامي المسيحي، وهي اللجنة التي تولت الترويج للقضية، والتحذير من خطورة المخطط اليهودي.

عصبة الأمم

نجحت جهود اللجنة التنفيذية للمؤتمر الإسلامي المسيحي، في الحصول على اعتراف شرعي بأحقية المسلمين في كل ما هو موجود بمحيط المسجد الأقصى، وذلك عندما أصدرت عصبة الأمم عام 1930 تقريرها الذي جاءت نتائجه مبنية على تحقيق دولي ونص على “تصرح اللجنة استنادًا إلى التحقيق الذي أجرته بأن ملكية الحائط وحق التصرف فيه‏‏ وما جاوره من الأماكن المبحوث عنها في هذا التقرير‏،‏ عائد للمسلمين‏،‏ ذلك أن الحائط نفسه ملك المسلمين‏ لكونه جزءاً لا يتجزأ من الحرم الشريف‏..‏ والرصيف الكائن عند الحائط‏‏ حيث يقيم اليهود صلواتهم‏،‏ هو أيضًا ملك للمسلمين”‏.‏

الهيكل السليماني المزعوم

لم يتنازل اليهود عن فكرتهم بإعادة بناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى، وظلوا يسعون لهدمه، حيث قاموا بإضرام النيران في المسجد الأقصى في أغسطس عام 1969، ولكن المسلمين مع المسيحيين استماتوا حتى قاموا بإطفاء النيران وإنقاذ المسجد بالرغم من وقوع خسائر كبيرة، أبرزها تدمير منبر صلاح الدين.

ظلت الجماعات الصهيونية تسعى للوصول لنفس الهدف هدم المسجد وبناء الهيكل، وظهرت العديد من المنظمات الداعية لنفس الهدف مع اختلاف الطرق والأنظمة المقترحة لهدم المسجد وبناء الهيكل مثل:

 الأعمدة العشر

أولى النظريات تدعو إلى بناء 10 أعمدة بعدد الوصايا العشر قرب الحائط الغربي من المسجد الأقصى، بحيث تكون الأعمدة على ارتفاع ساحة المسجد حالياً، ومن ثم يقام عليها “الهيكل الثالث”، ويربط هذا المبنى بما يعتقدون يأنه عمود مقدس يوجد حالياً كما يتوهمون في ساحة قبة الصخرة المشرفة.

 الشكل العمودي

أما النظرية الثانية وهي شبيهة بسابقتها فتطالب بإقامة الهيكل الثالث قرب الحائط الغربي من المسجد الأقصى بشكل عمودي بحيث يصبح الهيكل أعلى من المسجد الأقصى، ويربط تلقائياً مع ساحة المسجد من الداخل.

الترانسفير العمراني

وتتبنى النظرية الثالثة فكرة ما يسمى بـ “الترانسفير العمراني” ومفادها حفر مقطع التفافي حول مسجد قبة الصخرة بعمق كبير جداً ونقل المسجد كما هو خارج القدس وإقامة الهيكل.

الهدم الكامل

أما آخر النظريات الأربع فتدعو إلى هدم المسجد الأقصى برمته وإنشاء الهيكل على أنقاضه.

على مر السنين وحتى الآن قام الصهاينة بالحفر في أماكن متفرقة وفشلوا في إثبات وجود ما يسمى بالهيكل، ولكنهم يتزرعون به حتى يومنا هذا لاحتلال الأراضي الفلسطينية، كما كل رواياتهم حول الهيكل متناقضة ولا أساس لها من الصحة.

هيروشيما.. صور من الدمار الذي فتك بالبشر والحجر

لماذا فر مليوني صيني إلى تايوان؟

الحرب تتجه صوب الشرق الأقصى.. كيف بدأ الصراع الصيني التايواني؟