عالم

رحلة كفاح..”فرانسيا ماركيز” من خادمة وعاملة مناجم إلى نائبة لرئيس كولومبيا

فرانسيا ماركيز

عندما انتخب الكولومبيون أول رئيس يساري لهم على الإطلاق يوم الأحد وهو المقاتل السابق في حرب العصابات جوستافو بترو، انتخبوا أيضًا أول نائبة للرئيس من أصحاب البشرة السمراء، وهي: فرانسيا ماركيز، الأم العزباء التي سبق وعملت كخادمة قبل أن تتحدى مصالح التعدين الدولية بصفتها من دعاة حماية البيئة.

نقطة تحول

يمثل فوز “فرانسيا ماركيز“، نقطة تحول في بلد يعاني من عدم المساواة الاجتماعية ويحكمه تاريخياً النخب المحافظة.

خلال الحملات الانتخابية كانت “ماركيز” تظهر بالملابس ذات الألوان الزاهية الأفريقية الكولومبية مع المجوهرات الكبيرة، معبرة بكل شجاعة عن هويتها الحقيقية متحدية الوضع الراهن أملًا في مستقبل أكثر إشراقًا.

“حان الوقت للانتقال من المقاومة إلى السلطة”، بهذه الكلمات هتفت “ماركيز” البالغة من العمر 40 عامًا، رافعة قبضتها أثناء الحملة الانتخابية.

انتخب الكولومبيون أول رئيس يساري لهم على الإطلاق عندما هزم جوستافو بترو، وهو مقاتل سابق في حرب العصابات، مليونيرًا عقاريًا في جولة الإعادة التي شكلت تحولًا هائلًا في الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية والتي يحكمها لفترة طويلة المحافظون أو المعتدلون.

فرانسيا ماركيز

مع وجود ماركيز كنائبة له، لم يُشر “بترو” إلى انفصال سياسي فحسب، بل أشار أيضًا إلى انفصال اجتماعي في بلد أنكر تاريخيًا وجود العنصرية.

علاوة على ذلك، قامت ماركيز بتسليط الضوء أيضًا على النخبوية الأوروبية في كولومبيا، وفتحت نقاشًا حول العنصرية في بلد يُعرّف بأنه مختلط عرقياً.

رحلة “ماركيز”، من أم شابة سوداء عازبة إلى منصب نائب الرئيس في البلاد هي قصة غير عادية من العزيمة في مواجهة الصعاب.

ناشطة من أجل الحقوق الأفرو كولومبية

ولدت “فرانسيا ماركيز”، عام 1981 في قرية صغيرة في منطقة كاوكا الجنوبية الغربية بكولومبيا، ونشأت بمفردها مع والدتها، كانت حاملاً في طفلها الأول عندما بلغت من العمر 16 عامًا، مما اضطرها للعمل في منجم ذهب على بعد بضعة كيلومترات من المنزل لإعالة أسرتها ثم تم تعيينها كخادمة.

بدأت “ماركيز”، نشاطها البيئي في وقت مبكر، في عام 1996 ، عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها فقط، إذ علمت أن شركة متعددة الجنسيات تريد إطلاق مشروع لتوسيع أحد السدود على نهر أوفيجاس الرئيسي في المنطقة، والذي سيكون له تأثير كبير على مجتمعها.

فرانسيا ماركيز

يعيش المجتمع الأفرو – كولومبي على ضفاف النهر منذ القرن السابع عشر، ويعمل بالزراعة والتعدين الحرفي، كمصادر رئيسية للدخل، على مر الأجيال.

شكلت حملة نهر أوفجاس بداية كفاح “ماركيز” الطويل للدفاع عن حقوق المجتمعات الأفرو – كولومبية للحفاظ على أراضيهم، وهو النشاط الذي ظلت تمارسه لأكثر من 20 عامًا، حيث كانت تقاتل بلا هوادة ضد الشركات متعددة الجنسيات التي تستغل المنطقة المحيطة بنهر أوفيجاس وتجبر الناس أحيانًا على المغادرة.

رحلة فارقة

لم تصبح “ماركيز” معروفة على نطاق واسع حتى عام 2014، ففي ذلك الوقت، كانت تستهدف عمال المناجم غير الشرعيين الذين أقاموا عمليات على طول النهر، للتنقيب عن الذهب، باستخدام الزئبق بكثرة – وهو عنصر يفصل الذهب عن الماء ولكنه يلوث المياه ويدمر التنوع البيولوجي، واحتجاجًا على ذلك، نظمت “ماركيز”، ما يعرف بـ “مسيرة العمامة”، والتي شهدت مسيرة احتجاجية لـ 80 امرأة يسرن من كاوكا إلى بوجوتا، وهي رحلة استغرقت 10 أيام قطعن خلالها 500 كيلومتر.

رحلة الـ 500 كيلومتر انتهت بتظاهرة استمرت لمدة 20 يومًا أمام مبنى وزارة الداخلية الكولومبية، وبالفعل انتصرت “ماركيز”، حيث تعهدت الحكومة بالقضاء على كافة الأعمال غير القانونية على ضفاف نهر أوفجاس.

فرانسيا ماركيز

حصلت “ماركيز” منذ ذلك الحين على شهادة في القانون وعقدت العديد من المنتديات، وألقت محاضرات في الجامعات وألقت عدة خطابات أمام كبار السياسيين والمنظمات غير الحكومية.

وفي عام 2018، حصلت “ماركيز”، على جائزة “جولدمان”، التي تعادل جائزة نوبل للبيئة، وذلك تقديرًا لجهودها في المحافظة على البيئة، والعام التالي 2019، ظهرت المرأة الأفرو كولومبية، على قائمة بي بي سي لأكثر 100 امرأة تأثيرًا في العالم.

اقتحام العمل السياسي

في عام 2020 قررت “ماركيز” أخيرًا الدخول إلى عالم السياسة، ولم تبذل أي جهد لإخفاء طموحها حيث قالت: “أريد أن أكون مرشحة لهذا البلد، أريد أن يكون السكان أحرارًا، أريد أن تكون أراضينا أماكن للحياة”.

وفي مارس 2022 ، شاركت في الانتخابات التمهيدية الرئاسية لتحالف “الميثاق التاريخي” اليساري، وفاجأت الجميع باحتلالها المركز الثالث، مما دفع “بترو” لاختيارها نائبة له في الانتخابات الرئاسية.

ومن أبرز عناصر الجذب لدى “ماركيز” كانت خطاباتها الشعبوية أثناء التجمعات الانتخابية المختلفة، إذ كانت تقول: “أنا امرأة من أصل أفريقي كولومبي، وأم عازبة لطفلين أنجبت طفلها الأول في سن السادسة عشرة، وعملت في منازل لدفع الفواتير، لكنني أيضًا ناشطة بيئية حائزة على جوائز، وفوق كل شيء، محامية يمكن أن تصبح أول نائبة سوداء لرئيس كولومبيا، حكوماتنا أدارت ظهورها للشعب وللعدل والسلام”. “لو قاموا بعملهم بشكل صحيح، لما كنت أنا هنا”.

أكثر صور الحروب مأساوية على مر التاريخ

فيديو نادر لرحلة بعثة مصرية إلى الحج قبل 84 عاماً

رحلة طريق التركواز.. جولة سياحية على أجمل المعالم السعودية

المصادر :

فرانس 24 /