أثبتت تجربة الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، في الوصول إلى رئاسة أوكرانيا، أن الأحداث التي تجري على أرض الواقع ربما يمكن تحويلها إلى دراما، لكن الأخيرة من الصعب أن تتحول إلى واقع، بل إن الكوميديا قد تتحول أحياناً إلى تراجيديا مؤلمة.
وكان «زيلينسكي»، قد لعب دور البطولة في مسلسل بعنوان «خادم الشعب»، دارت أحداثه في إطار كوميدي، أدى فيه دور أستاذ تاريخ ينتقد فساد النخبة السياسية الأوكرانية، حيث سرعان ما جعلته الحبكة الدرامية للمسلسل رئيساً لأوكرانيا، لتكون هذه الأحداث الخيالية بداية صعوده السريع والمفاجئ في عالم السياسية، بعدما اعتبره مشاهدو المسلسل بطلاً حقيقياً، معتبرين أن بإمكانه فعلاً تخليصهم مما يرونه فساداً في السلطة.
وعلى الرغم من عدم أداء «زيلينسكي»، لأي دور سياسي حقيقي في حياته سوى دوره التمثيلي في مسلسله، إلا أنه قرر خوض غمار انتخابات الرئاسة، ونجح في تحقيق فوزاً ساحقا بنسبة 73% على منافسه الرئيس السابق بترو بوروشنكو، الذي عرف بموالاته لروسيا، في حين رفع زيلينسكي راية الانضمام للمعسكر الغربي ممثلاً بحلف الناتو؛ مما جلب عليه سخط جارته الروسية الرافضة لأي وجود غربي على حدودها أو ضمن مجالها الحيوي.
وأصبح «زيلينسكي»، الكوميديان السابق الذي لعبت الصدفة دوراً رئيسياً في توليه رئاسة أوكرانية، يعاني من وضع سياسي بالغ الصعوبة، بعدما قاد بلاده لحرب شرسة ضد الدب الروسي، ما جعله لا يجد هامشاً كبيراً للمناورة، فبعد أن كان ناجحاً كوميداً، انتقل فجأة للعمل الواقعي على مسرح حرب طاحنة بإمكانها أن تهوي بالقارة الأوروبية كلها إلى قاع سحيقة، وتراجيديا حقيقية كارثية.
وتضرب تجربة «زيلينسكي»، مثالاً حياً على مدى الاختلاف الهائل بين خيالات الدراما التلفزيونية الفنية، والواقع الأمني والسياسية للدول، الذي لا يتطلب خبرات واسعة تفوق مجرد أداء دور كوميدي ناجح، وهذا ما تثبته حالة التخبط التي أظهرها زيلينسكي، مؤخراً، فتارة يستجير بالدول الأوروبية ، وتارة أخرى ينتقد ما يصفه بالتقاعس الغربي عن إنقاذ أوكرانيا.
وأضحى الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، الذي لطالما أضحك الأوكرانيين كثيراً، عليه مسؤولية أن يُوقف بكاءهم ويجنبهم ويلات الحرب والدمار، التي لم يشهدها العالم منذ انتهاء الحرب الباردة.
روسيا تعلن تطهير “ماريوبول” .. و”زيلينسكي” يحذر من تعثر المفاوضات