لم يكن صعود الرباعة المصرية «نهلة رمضان» إلى قمة رياضة رفع الأثقال مجرد قصة نجاح، بل انعكاس لعزيمة استثنائية جعلتها واحدة من أبرز البطلات العربيات في تاريخ اللعبة، ومع ذلك، كان للقدر مسارًا مختلفًا، إذ وجدت البطلة نفسها تواجه معركة لم تكن على منصات التتويج، بل ضد مرض «ضمور العضلات» أنهك جسدها وأبعدها عن الرياضة التي كرست لها حياتها.
ولدت نهلة رمضان عام 1987 في منطقة الورديان بمحافظة الإسكندرية، في كنف أسرة رياضية، حيث كان والدها مدربًا للمنتخب المصري للسيدات في رفع الأثقال، وبدأت مسيرتها الرياضية في سن الرابعة، وخاضت أول بطولة عالمية للناشئين وهي في الثانية عشرة من عمرها، لتحتل المركز السادس في اليونان.
لكن نقطة التحول الكبرى في مسيرتها جاءت عام 2003، عندما كانت في السادسة عشرة فقط، إذ تمكنت من تحقيق إنجاز غير مسبوق بالفوز بثلاث ميداليات ذهبية في بطولة العالم للكبار بكندا، ما جعلها أصغر بطلة عالمية في التاريخ المصري في هذه الرياضة، ثم توالت بعدها الإنجازات، فشاركت في ثلاث دورات أولمبية، وكانت من أبرز المتنافسات عالميًا، حيث فازت ببرونزية بطولة العالم عام 2006، وحطمت سبعة أرقام عالمية.
غير أن مسيرتها الرياضية تعرضت لهزة قوية عام 2013، عندما تم إيقافها بعد ثبوت إيجابية عينة منشطات، وهو ما أثر بشدة على مشوارها، ورغم محاولاتها المستمرة للعودة، فإن المرض كان له رأي آخر، حيث بدأت معاناتها مع النزيف المستمر من الفم منذ أكثر من 12 عامًا، وهو ما أثر تدريجيًا على حالتها الصحية حتى تفاقمت إلى ضمور العضلات.
ما الذي نعرفه عن حالتها الصحية؟
تعاني نهلة رمضان من مرض نادر يتمثل في حمى البحر المتوسط والذئبة الحمراء، مما أدى إلى تيبس المفاصل وضمور العضلات، لتصبح حركتها محدودة بشكل كبير.
وحمى البحر المتوسط والذئبة الحمراء مرضان التهابيان مزمنان يصيبان الجهاز المناعي، حيث إن حمى البحر المتوسط مرض وراثي يسبب نوبات متكررة من الحمى والالتهابات في البطن والمفاصل، أما الذئبة الحمراء فاضطراب مناعي ذاتي يهاجم الأنسجة والأعضاء، مما يؤدي إلى التهابات وآلام مزمنة، وضمور في العضلات والمفاصل، وقد تؤثر على القلب والكلى والجلد. ويتطلب كلا المرضين علاجًا مستمرًا للحد من الأعراض والسيطرة على النوبات المتكررة.
ووفقًا لما صرحت به شقيقتها «نغم» في برنامج «الحكاية» على فضائية «MBC مصر»، فإن نهلة تخضع حاليًا للعلاج في المستشفى «الميري الجامعي» بمحافظة الإسكندرية المصرية، وسط محاولات مستمرة من عائلتها وأصدقائها لمناشدة الجهات الحكومية لتوفير الرعاية الطبية اللازمة لها.
كما كشفت البطلة السابقة عن إرسالها تقاريرها الطبية إلى وزارة الشباب والرياضة المصرية، آملة في تلقي العلاج المناسب، سواء داخل بلادها أو خارجها. وفي هذا السياق، أصدرت وزارة المصرية بيانًا رسميًا قالت فيها إنها تابعت حالتها من خلال اللجنة الطبية العليا، مع تحمل الدولة كافة تكاليف علاجها في «مستشفى مصطفى كامل» وهو مستشفى أخر في المحافظة نفسها
ما الإرث الذي تتركه نهلة رمضان؟
رغم أن المرض أبعدها عن المنافسات، فإن إنجازات نهلة رمضان ما تزال محفورة في تاريخ الرياضة المصرية. فقد كانت أول رباعة مصرية تفوز بذهبية بطولة العالم منذ خمسينيات القرن الماضي، وتوجت بطلة إفريقيا والبحر المتوسط في عام 2005. كما مثلت بلادها في الأولمبياد ثلاث مرات، ووصلت إلى المركز الرابع في أولمبياد لندن 2012 بعد إلغاء نتائج لاعبة أرمينية بسبب المنشطات.
لكن أكثر ما يميز رحلتها، إلى جانب الألقاب، هو صمودها في وجه التحديات. فقد تخطت صدمة وفاة والدتها بمرض السرطان قبل أولمبياد بكين 2008، وعادت سريعًا إلى التدريبات رغم الأوضاع النفسية الصعبة. وحتى مع تدهور حالتها الصحية، لم تفقد الأمل، وما يزال الوسط الرياضي يترقب تطورات وضعها على أمل أن تتلقى العلاج اللازم.