أثار توسع نفوذ إيلون ماسك داخل الحكومة الأمريكية جدلًا واسعًا، لا سيما بعد أنباء عن حصوله، من خلال وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE)، على وصول غير مسبوق إلى الأنظمة الفيدرالية، بما في ذلك وزارة الطاقة (DOE)، المسؤولة عن الإشراف على الترسانة النووية الأمريكية. التقارير المتزايدة حول نفوذ رجل الأعمال الشهير المثير للجدل.. دفعت وزير الطاقة كريس رايت إلى الخروج ببيان رسمي ينفي فيه امتلاك ماسك أو فريقه أي وصول إلى الأسرار النووية. ومع ذلك، لم يبدد هذا التصريح القلق، حيث سبق أن واجهت إدارة ترامب اتهامات بعدم الشفافية بشأن نطاق صلاحيات DOGE داخل المؤسسات الحكومية.
هل يمكن لإيلون ماسك الوصول إلى الترسانة النووية؟
تمتلك الولايات المتحدة واحدة من أكبر الترسانات النووية في العالم، حيث يمتلك الرئيس الأمريكي السلطة المطلقة لإصدار أوامر الإطلاق. ومع تزايد نفوذ ماسك داخل الحكومة، طرح البعض تساؤلات حول مدى إمكانية وصوله إلى هذه القوة المدمرة. مع ذلك، يؤكد خبراء الأمن القومي أن الوصول إلى منظومة التحكم النووي من خلال شبكة وزارة الطاقة أمر مستحيل تقريبًا، نظرًا للآتي:
- أنظمة التحكم النووية تعمل على شبكات مغلقة لا ترتبط بالإنترنت، مما يجعل اختراقها إلكترونيًا شبه مستحيل.
- تنفيذ أي ضربة نووية يتطلب إجراءات أمنية صارمة، تشمل عدة مستويات قيادية وعسكرية، حيث يجب على فرق الصواريخ والغواصات والقاذفات تنفيذ أوامر الإطلاق بشكل يدوي.
- بعض أنظمة القيادة النووية لا تزال تعمل بتقنيات قديمة جدًا، حيث كان الجيش الأمريكي يستخدم حتى عام 2019 أقراصًا مرنة بقياس 8 بوصات في بعض منظوماته.
السيناريو الأخطر: تأثير ماسك على ترامب
على الرغم من صعوبة الوصول المباشر إلى الأسلحة النووية، يرى بعض المحللين أن الخطر الحقيقي يكمن في تأثير ماسك على الرئيس ترامب نفسه. يقول الخبير في الشؤون النووية أليكس ويلرستين إن ماسك قد يتمكن من التلاعب بترامب وإقناعه بأن هناك تهديدًا نوويًا وشيكًا، مما قد يدفعه إلى اتخاذ قرار متهور باستخدام القوة النووية.
الرئيس الأمريكي يحمل دائمًا معه “كرة القدم النووية”، وهي حقيبة تحتوي على معدات اتصال تمكنه من التواصل مع مركز القيادة العسكرية الوطنية لإصدار أوامر الإطلاق. ولكن لإعطاء هذا الأمر، يجب عليه استخدام “البسكويت”، وهي بطاقة مشفرة تحتوي على رموز التحقق التي تؤكد هويته عند إصدار الأوامر. وفقًا للخبراء، فإن إمكانية وصول ماسك إلى هذه الأدوات الحيوية شبه معدومة، لكن السيناريو الأكثر واقعية هو أن يستخدم نفوذه لإقناع ترامب باتخاذ قرارات خطيرة بناءً على معلومات مضللة.
مخاطر نفوذ إيلون ماسك داخل الحكومة
حتى إذا لم يتمكن ماسك من الوصول إلى الأسلحة النووية، فإن وجوده داخل الإدارة الأمريكية يمثل تحديًا خطيرًا للشفافية والأمن القومي، بسبب العوامل التالية:
- إمكانية الوصول إلى بيانات حساسة: DOGE لديها وصول واسع النطاق إلى الأنظمة الحكومية، مما يثير تساؤلات حول قدرة ماسك على الحصول على معلومات استخباراتية حساسة قد تفيد خصوم الولايات المتحدة.
- تأثيره على سياسات الأمن القومي: مع إشرافه على “الكفاءة الحكومية”، قد يتمكن ماسك من إعادة هيكلة الإنفاق الدفاعي بطرق قد تؤثر على برامج الردع النووي أو تحديث منظومات الدفاع.
- عدم وضوح نطاق صلاحيات DOGE: حتى الآن، لم تقدم إدارة ترامب تفاصيل واضحة حول الحدود الفعلية لنفوذ ماسك داخل الحكومة، مما يعزز المخاوف من اتخاذ قرارات غير خاضعة للرقابة التقليدية.
- إمكانية تقويض برامج الأمان البيئي: جزء كبير من ميزانية الأمن النووي مخصص لتنظيف النفايات النووية الناتجة عن الحرب الباردة، لكن هناك مخاوف من أن ينظر ماسك وفريقه إلى هذه الجهود على أنها “إهدار غير ضروري”، مما قد يؤدي إلى تعطيلها.
هل يمنح ترامب ماسك صلاحيات نووية؟
رغم كل الضمانات والإجراءات الأمنية، يمتلك الرئيس الأمريكي السلطة القانونية لتعديل قواعد استخدام الأسلحة النووية. في فترات سابقة، منح رؤساء أمريكيون تفويضات خاصة لقادة عسكريين في ظروف معينة، مثلما فعل إيزنهاور خلال الحرب الباردة، حين سمح لقادة الجيش في المحيط الهادئ باستخدام الأسلحة النووية في حالات الطوارئ.
في هذا السياق، إذا قرر ترامب منح ماسك سلطة الوصول إلى المعلومات النووية أو تفويضًا خاصًا، فقد يكون ذلك قانونيًا من الناحية الإجرائية، رغم أنه سيكون قرارًا غير مسبوق وخطيرًا للغاية.
أخيرًا: ماسك في معضلة النفوذ والشفافية
على الرغم من أن المخاوف بشأن وصول ماسك إلى الأسلحة النووية قد تكون مبالغًا فيها من الناحية التقنية، فإن التأثير الحقيقي يكمن في مدى قدرته على التأثير على ترامب وصنع القرار داخل الحكومة.
في بيئة سياسية غير مستقرة، ومع إدارة تتحدى باستمرار المعايير التقليدية للحكم، تظل الأسئلة قائمة:
- هل يمكن أن يصبح ماسك أحد أكثر الشخصيات نفوذًا داخل الإدارة الأمريكية؟
- إلى أي مدى يمكن أن يؤثر في القرارات المتعلقة بالأمن القومي؟
- وهل سيتمكن الكونغرس أو الجهات الرقابية من فرض أي قيود على دوره المتنامي؟
مع استمرار التغيرات السريعة داخل الحكومة، سيظل نفوذ ماسك موضع تدقيق شديد من قبل السياسيين والمراقبين، وسط مخاوف من أن يؤدي هذا النفوذ إلى إعادة تشكيل غير متوقعة للسلطة داخل الولايات المتحدة.