أحدثت شركة “DeepSeek”، وهي شركة صينية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، موجة من الصدمة في الولايات المتحدة بإطلاقها مؤخرًا نماذج متطورة، تتحدى هيمنة اللاعبين الرئيسيين في سوق هذه التقنية مثل “OpenAI” و”Google” و”Meta”.
رحلة صعود “DeepSeek”
تأسست شركة “DeepSeek” في مايو 2023 على يد ليانج وينفينج، وهي شخصية بارزة في صناعة الذكاء الاصطناعي، وتعمل بشكل مستقل ولكنها ممولة فقط من قبل “High-Flyer”، وهو صندوق استثماري أسسه “وينفينج” أيضًا.
سمح نموذج التمويل الفريد هذا لشركة “DeepSeek” بملاحقة مشاريع الذكاء الاصطناعي الطموحة دون ضغوط المستثمرين الخارجيين، مما مكنهم من إعطاء الأولوية للبحث والتطوير على المدى الطويل.
يتألف فريق الشركة من خريجين شباب موهوبين من أفضل الجامعات الصينية، مما يعزز ثقافة الابتكار والفهم العميق للغة والثقافة الصينية. مع منح الأولوية للقدرات الفنية على الخبرة العملية التقليدية.
بدأت رحلة الشركة بإصدار “DeepSeek Coder” في نوفمبر 2023، وهو نموذج مفتوح المصدر مصمم لمهام البرمجة، تبع ذلك “DeepSeek LLM”، الذي ينافس نماذج اللغات الكبيرة الأخرى التي تستخدم لتشغيل روبوتات مثل “ChatGPT”.
اكتسب “DeepSeek-V2″، الذي تم إطلاقه في مايو 2024، اهتمامًا كبيرًا بأدائه القوي وتكلفته المنخفضة، مما أدى إلى حرب أسعار في سوق نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية.
أجبرت استراتيجية التسعير التخريبية هذه شركات التقنية الصينية الكبرى الأخرى، مثل “ByteDance” و”Tencent” و”Baidu” و”Alibaba”، على خفض أسعار نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لتظل قادرة على المنافسة.
تأثير “DeepSeek” على مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي
خلق دخول شركة “DeepSeek” إلى سوق الذكاء الاصطناعي ضغوطًا تنافسية كبيرة على شركات عملاقة مثل “OpenAI” و”Google” و”Meta” من خلال تقديم نماذج فعّالة من حيث التكلفة ومفتوحة المصدر.
تجبر الشركة الصينية منافساتها الصينية على خفض أسعارها، حيث من المرجح أن تؤدي هذه المنافسة المتزايدة إلى حلول ذكاء اصطناعي أكثر بأسعار معقولة ويمكن الوصول إليها لكل من الشركات والمستهلكين.
ومن جانب آخر، يجعل التزام “DeepSeek” بالنماذج مفتوحة المصدر إمكانية الوصول إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة متاحًا للجميع، مما يتيح لمجموعة أوسع من المستخدمين، بما في ذلك الشركات الصغيرة والباحثين والمطورين، التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة.
ويحمل انتشار الشركة دلالة سياسية، حيث يقول خبراء إن إطلاق منتجات “DeepSeek” مؤخرًا يأتي في توقيت استراتيجي يتماشى مع الأحداث الجيوسياسية المهمة، مثل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويشير إلى جهد متعمد لتحدي التصور السائد لهيمنة الولايات المتحدة في قطاع الذكاء الاصطناعي وإظهار قدرات الصين الناشئة في هذا المجال.
تحديات تواجه نمو “DeepSeek”
على الرغم من إنجازاتها البارزة، تواجه الشركة الصينية عيبًا كبيرًا مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.
ويعزى ذلك إلى ضوابط التصدير الأمريكية على الرقائق المتقدمة، والتي تقيد وصول “DeepSeek” إلى أحدث الأجهزة اللازمة لتطوير ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر قوة.
وأظهرت الشركة كفاءة ملحوظة في عملياتها بالفعل، ولكن الوصول إلى موارد حوسبة أكثر تقدمًا يمكن أن يسرع تقدمها ويعزز قدرتها التنافسية ضد الشركات ذات القدرات الحوسبية الأكبر.
وفي ذات السياق، قد تواجه الشركة صعوبات في إرساء نفس مستوى الثقة والتقدير الذي تحظى به الشركات الأخرى مثل “OpenAI” و”Google” التي تحظى بسمعة قوية للعلامة التجارية.
كما تخضع نماذج “DeepSeek” للرقابة لمنع انتقاد الحزب الشيوعي الصيني، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا لتبنيها عالميًا، خاصة في البلدان التي تحظى فيها حرية التعبير بتقدير كبير.