شهدت عاصمة مالي قبل أسبوع تقريبًا حادثًا إرهابيًا يوصف بأنه “الأوقح” منذ عام 2016 في عاصمة منطقة الساحل.
وتُعرف تلك المنطقة بأنها الجزء الذي يمتد من غرب أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي منطقة قاحلة.
وخلال الهجوم، تسلل الجهاديون إلى أكاديمية تدريب الشرطة النخبوية قبل صلاة الفجر، واقتحموا مطار باماكو وأشعلوا النار في الطائرة الرئاسية.
وأكد هذا الحادث أن الجماعات الجهادية التي ترتبط بتنظبم القاعدة أو الدولة الإسلامية التي قتلت قواتها آلاف المدنيين وأجبرت مثله على النزوح في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، يمكنها أيضًا أن تضرب قلب السلطة.
ارتفاع الهجرة
ومع تأجج الصراع في منطقة الساحل التي تشهد عدة بلدان فيها حروبًا ضارية مثل أوكرانيا والشرق الأوسط والسودان، ارتفعت الهجرة بشكل كبير إلى أوروبا.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تزامن مع صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة، إذ تضع بعض دول الاتحاد الأوروبي قيودًا على الدخول إليها.
وكانت المناطق التي شهدت أكبر ارتفاع في أعداد المهاجرين، هي تلك الممتدة من من الدول الساحلية في غرب أفريقيا وحتى جزر الكناري الإسبانية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.
وتُشير بيانات المنظمة أيضًا إلى أن عدد المهاجرين الواصلين إلى أوروبا من دول الساحل وهي : (بوركينا فاسو، تشاد، مالي، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، السنغال) شهد ارتفاعًا خلال عام 2024.
وخلال الستة أشهر الأولى من العام الحالي فقط، ارتفع أعداد المهاجرين إلى 17,300، بعد أن كان 10,700 في عام 2023.
وأرجعت الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة هذه الزيادة الكبيرة إلى الصراعات وتغير المناخ.
تزايد الهجمات
بحسب ما نقلته رويترز عن 15 خبيرًا ودبلوماسيًا، تواجه تلك المناطق الخاضعة لسيطرة الجهاديين المزيد من الخطر لتكون منصات تدريب وإطلاق المزيد من الهجمات على المدن الكبرى مثل باماكو أو لدول المجاورة وأهداف غربية في المنطقة وخارجها.
وتقف هذه الموجة من العنف التي تسببت في خسائر فادحة للقوات الحكومية وراء الانقلابات العسكرية التي حدثت في عام 2020، ضد الحكومات المدعومة من الغرب في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، الدول الواقعة في قلب منطقة الساحل.
ومنذ ذلك الحين، استبدلت المجالس العسكرية التي حلت محلهم المساعدات العسكرية الفرنسية والأمريكية بالروس، وخاصة من مجموعة المرتزقة التابعة لفاغنر، لكنها استمرت في خسارة الأرض.
ويتوقع المحرر في مجلة لونج وور جورنال والخبير في الجماعات الجهادية، كالب فايس، ألا تصمد الحكومات في مالي والنيجر وبوركينا فاسو للأبد في وجه تلك الهجمات.
وقال إنه في النهاية ستشهد أحد تلك الأنظمة خسارة كبيرة في حجم الأراضي، وهو أمر يحدث بالفعل في بوركينا فاسو.
بؤرة إرهاب
أصبحت القوى الغربية التي كان لها في السابق نفوذ في محاولات صد الجهاديين في بؤر الصراع، غير قادرة على لعب الدور ذاته خصوصًا بعد اضطرار بعض الدول مثل الولايات المتحدة لسحب قواتها على غرار ما حدث في النيجر.
ووجدت الولايات المتحدة نفسها مجبرة على مغادرة قاعدة طائرات بدون طيار مترامية الأطراف في أغادير في الصحراء.
وخلال فترة مواجهة الجهاديين، استخدمت القوات الأمريكية ووكالات الاستخبارات المركزية طائرات بدون طيار لتتبع الجهاديين وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الفرنسيين.
وساهمت تلك الجهود في شن غارات جوية ضد المسلحين وجيوش غرب أفريقيا.
ولكن الولايات المتحدة رفضت تبادل المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها مع زعماء الانقلاب، وحذرت من التعامل مع روسيا، وهو ما أغضب زعماء الانقلاب في النيجر.
ومع خروج الولايات المتحدة من البلدان الثلاثة، باتت عمليات الجهاديين بلا رقيب وهو ما أكسبهم حرية أكبر في التحرك، وفق الباحث البارز في مركز صوفان، وهو مركز أبحاث في نيويورك، وسيم نصر.
وارتفع عدد الأحداث الإرهابية العنيفة التي شهدتها بوركينا فاسو ومالي والنيجر من الجماعات الإرهابية تضاعف منذ عام 2021، بحسب تحليل أجرته روترز من بيانات لمجموعة مراقبة الأزمات الأمريكية.
وخلال العام الجاري، شهدت البلدان الثلاثة 224 هجومًا شهريًا، مقابل 128 هجومًا خلال العام الماضي.
وتُرجع منسقة الهجرة والنزوح الإقليمية في الاتحاد الدولي للصليب الأحمر، إنسا موسى باساني، زيادة الهجرة من ساحل غرب أفريقيا إلى الصراع.
وأشارت إلى أن الصراعات هي قلب المشكلة، بجانب تداعيات تغير المناخ مثل الفيضانات والجفاف التي زادت من أعمال العنف وبالتالي الهجرة.
صدارة مؤشر الإرهاب
تحتل بوركينا فاسو المركز الأول في قائمة البلدان الأكثر تضررًا، إذ شهدت حادث ذبح راح ضحيته مئات المدنيين في يوم واحد في 24 أغسطس الماضي.
وكانت بوركينا فاسو أيضًا في صدارة مؤشر الإرهاب العالمي للمرة الأولى خلال 2024، إّ ارتفعت الوفيات بنسبة 68% إلى 1907 – وهو ربع جميع الوفيات المرتبطة بالإرهاب في جميع أنحاء العالم.
وبحسب الأمم المتحدة فإن نصف الأراضي الموجودة في بوركينا فاسو أصبحت خارج السيطرة ما رفع من معدلات النزوح.
وتشير تقديرات لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة تراقب أنشطة المنظمتين إلى أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، الفصيل المرتبط بتنظيم القاعدة الأكثر نشاطا في منطقة الساحل، كان لديه ما بين 5 آلاف و6 آلاف مقاتل بينما كان هناك ما بين 2000 و3000 مسلح مرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية.
وتستهدف الجماعات التي تعمل في مناطق مختلفة وتتلقى الدعم المالي والتدريب والتوجيه ن قياداتها العالمية بشكل أساسي إقامة الحكم الإسلامي.
المصدر: رويترز