اجتاحت أمريكا الجنوبية موجة من الحرائق غير المسبوقة في تاريخها، ما ترك تأثيرات وتداعيات خطيرة على البشر والبيئة.
وتسببت حرائق الأمازون في هطول أمطار سوداء وتحول الأنهار إلى اللون الأخضر وارتفاع نسبة التلوث الجوي بأكثر من 50 مرة عن المستويات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، وفق شركة مراقبة جودة الهواء IQair.
وبحسب بيانات معهد أبحاث الفضاء البرازيلي، فشهدت القارة حوالي 364,485 حريقًا غابات، لتتخطى الرقم القياسي المسجل في عام 2007 وهو 345,322 حريقًا.
لماذا تحدث الحرائق؟
يُعتقد أن معظم الحرائق حدثت بسبب موجة الجفاف التي حدثت بسبب تغير المناخ، والتي أدت لخلق سحابة من الدخان السام على مساحة نحو 4 ملايين ميل مربع، أي منطقة أكبر من الولايات المتحدة.
وساهم هذا الجفاف التاريخي في منطقة الأمازون في نشر الحرائق، وهو ما تسبب في تأثر 60% من أراضي البرازيل بالدخان، وامتد التأثير إلى بعض الدول المجاورة والمحيط الأطلسي.
وقالت الباحثة في مختبر علم البيئة النباتية بجامعة ولاية ساو باولو، أليساندرا فيديليس، إن البرازيل تشهد أسوأ موجة من تلوث الهواء على الإطلاق.
فيما نقل موقع “لايف ساينس” عن خبيرة علوم الغلاف الجوي وعضو قسم جودة الهواء والانبعاثات في المختبر التكنولوجي في أوروغواي، ناتاليا جيل،إن ودة الهواء في ابلرازيل تشهد انخفاضًا ملحوظًا، إلى جانب شمال الأرجنتين وباراغواي وشمال شرق أوروغواي.
ولاحظت جيل خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاع نسبة الكربون الأسود والجسيمات والغازات مثل الأوزون وأكاسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون في مدن بعيدة مثل بوينس آيرس وساو باولو ولوندرينا وريو دي جانيرو وكوتشابامبا ولاباز.
وظهرت تداعيات أخرى في مدن مثل عاصمة أوروغواي، مونتيفيديو، إذ عانى السكان من الرؤية الضبابية بسبب سحابة الدخان الكثيفة والأمطار السوداء (بسبب اختلاط المياه بالرماد والسخام).
وحدث نفس الموقف في 11 مقاطعة أرجنتينية ، بما في ذلك منطقة العاصمة بوينس آيرس.
وسيطر اللون الأخضر على نهر بينهيروس في ساوباولو، والذي جاء نتيجة نمو الطحالب بشكل كبير بسبب الجفاف الشديد.
تأثير التدخين
أجرى أخصائي في علم الأمراض وأستاذ في كلية الطب بجامعة ساو باولو، باولو سالديفا، مقارنة بين الدخان الناتج عن حرق الكتلة الحيوية بدخان السجائر.
وأظهرت المقارنة أن كلا العمليتين ينتج عنهما مواد سامة تدخل الجسم من خلال العينين والجهاز التنفسي والرئتين.
وفي حين أن التلوث الناتج عن المركبات والصناعة في مدينة ساوبولو يعادل تدخين من 4 إلى 5 سجائر يوميًا، إلا أن التعرض لدخان الحرائق الحالي يُشبه إسعار سيجارة تلو الأخرى.
وشهدت الحرائق خلال العقود الأخيرة تغيرصا ملحوظًا في حدوثها، بسبب التغيرات البيئية والتحول في استخدام الأراضي.
وفي حين شهدت البرازيل دائمًا مواسم الجفاف، فقد زاد متوسط عدد الأيام المتتالية الخالية من الأمطار من 80 إلى 100 في العقد الماضي ، مما يشير إلى تفاقم التأثيرات المرتبطة بالمناخ، كما أشار فيديليس.
وتابع أن معدلات تعرض الغابات للحرائق زاد وأصبحت أكثر قابلية للاشتعال.
ولفت الباحث في معهد علم البيئة والعلوم البيئية بجامعة جمهورية أوروغواي، لويس لوبيز مارسيكو، إلى أن هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة ورطوبة التربة من شأنه أن يؤثر على تكرار حدوث الحرائق وكثافتها.
وأشارت فيديليس إلى أنه آن الأوان للنظر إلى تغير المناخ باعتباره وضعًا طبيعيًا جديدًا بعد أن كان سيناريو مستقبليًا.
المصدر: Live Science