علوم

الطاقة المستدامة.. العلماء يصنعون بطارية باستخدام الهيموجلوبين!

الهيموجلوبين

طوّر باحثون في جامعة قرطبة، بالتعاون مع مؤسسات أخرى، نوع جديد من البطاريات باستخدام الهيموجلوبين كمحفز في بطاريات الزنك والهواء.

ويمكن لهذه البطارية المتوافقة حيويًا أن تعمل لمدة تصل إلى 30 يومًا وتوفر العديد من المزايا، مثل الاستدامة والملاءمة للاستخدام في أجهزة جسم الإنسان.

وعلى الرغم من طبيعتها غير القابلة لإعادة الشحن، فإن هذا الابتكار يمثل خطوة مهمة نحو بدائل البطاريات الصديقة للبيئة، ومعالجة القيود المفروضة على بطاريات الليثيوم أيون الحالية.

بطارية تستخدم الهيموجلوبين

قام الباحثون في المعهد الكيميائي للطاقة والبيئة (IQUEMA) في جامعة قرطبة بتطوير بطارية تستخدم الهيموجلوبين لتسهيل التفاعلات الكهروكيميائية، والحفاظ على الأداء الوظيفي لمدة تتراوح بين 20 إلى 30 يومًا تقريبًا.

الهيموجلوبين هو بروتين موجود في خلايا الدم الحمراء وهو مسؤول عن نقل الأكسجين من الرئتين إلى أنسجة الجسم المختلفة (ومن ثم نقل ثاني أكسيد الكربون في الاتجاه المعاكس). إنه ذو صلة عالية جدًا بالأكسجين وهو ضروري للحياة، ولكن ماذا لو كان أيضًا عنصرًا أساسيًا لنوع من الأجهزة الكهروكيميائية التي يلعب فيها الأكسجين أيضًا دورًا مهمًا، مثل بطاريات الزنك والهواء؟

هذا ما أراد فريق الكيمياء الفيزيائية (FQM-204) والكيمياء غير العضوية (FQM-175) في جامعة قرطبة (UCO) التحقق منه وتطويره، بالتعاون مع فريق من جامعة البوليتكنيك في قرطاجنة، بعد دراسة قامت بها الجامعة.

ويذكر موقع scitechdaily أن الهيموجلوبين يتميز بخصائص واعدة لعملية الاختزال والأكسدة (الأكسدة والاختزال) التي يتم من خلالها توليد الطاقة في هذا النوع من النظام.

وهكذا، قام الفريق البحثي، من خلال مشروع إثبات المفهوم، بتطوير أول بطارية متوافقة حيوياً (غير ضارة بالجسم) تستخدم الهيموجلوبين في التفاعل الكهروكيميائي الذي يحول الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية.

آلية ومزايا بطارية الهيموجلوبين

وباستخدام بطاريات الزنك والهواء، وهي واحدة من أكثر البدائل استدامة لتلك التي تهيمن حاليا على السوق (بطاريات أيون الليثيوم)، فإن الهيموجلوبين يعمل كمحفز في مثل هذه البطاريات. أي أنه بروتين مسؤول عن تسهيل التفاعل الكهروكيميائي، ويسمى تفاعل تخفيض الأكسجين (ORR)، حيث يتسبب بعد دخول الهواء إلى البطارية في تقليل الأكسجين وتحويله إلى ماء في أحد أجزاء البطارية (الكاثود أو القطب الموجب)، حيث يتم إطلاق الإلكترونات التي تنتقل إلى الجزء الآخر من البطارية (الأنود أو القطب السالب)، حيث تحدث أكسدة الزنك.

ويقول مانويل كانو لونا، الباحث في جامعة كولومبيا البريطانية: “لكي يكون المحفز محفزًا جيدًا في تفاعل اختزال الأكسجين، يجب أن يتمتع المحفز بخاصيتين: فهو يحتاج إلى امتصاص جزيئات الأكسجين بسرعة، وتكوين جزيئات الماء بسهولة نسبية. وقد استوفى الهيموجلوبين تلك المتطلبات. في الواقع، من خلال هذه العملية، تمكن الفريق من جعل النموذج الأولي للبطارية المتوافقة حيويًا يعمل مع 0.165 ملليجرام من الهيموجلوبين لمدة تتراوح بين 20 و30 يومًا”.

بالإضافة إلى الأداء القوي، يتميز النموذج الأولي للبطارية الذي طوروه بمزايا أخرى. إذ تعد بطاريات الزنك والهواء أكثر استدامة ويمكنها تحمل الظروف الجوية المعاكسة، على عكس البطاريات الأخرى التي تتأثر بالرطوبة وتتطلب جوًا خاملًا لتصنيعها.

ثانياً، كما يقول كانو لونا “إن استخدام الهيموجلوبين كمحفز حيوي هو أمر واعد للغاية فيما يتعلق باستخدام هذا النوع من البطاريات في الأجهزة المدمجة في جسم الإنسان”، مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب.

في الواقع، تعمل البطارية عند درجة حموضة 7.4، وهي درجة حموضة مشابهة لدرجة حموضة الدم. بالإضافة إلى ذلك، بما أن الهيموجلوبين موجود في جميع الثدييات تقريبًا، فيمكن أيضًا استخدام البروتين من أصل حيواني.

التحديات والتوجهات المستقبلية

ومع ذلك، فإن البطارية التي طوروها لديها مجال للتحسين. أهمها أنها بطارية أساسية، لذا فهي تقوم بتفريغ الطاقة الكهربائية فقط. كما أنها غير قابلة لإعادة الشحن. ولذلك، يتخذ الفريق بالفعل الخطوات التالية للعثور على بروتين بيولوجي آخر يمكنه تحويل الماء إلى أكسجين، وبالتالي إعادة شحن البطارية. بالإضافة إلى ذلك، لن تعمل البطاريات إلا في وجود الأكسجين، لذلك لا يمكن استخدامها في الفضاء.

تفتح الدراسة، التي نشرت في مجلة الطاقة والوقود، الباب أمام بدائل وظيفية جديدة للبطاريات في سياق يتوقع فيه المزيد والمزيد من الأجهزة المحمولة، وحيث يوجد التزام متزايد بالطاقات المتجددة، بحيث يكون من الضروري أن يكون لديك أجهزة تقوم بتخزين الطاقة الكهربائية الزائدة على شكل طاقة كيميائية. والأهم من ذلك، أن البطاريات الأكثر شيوعًا اليوم، أيون الليثيوم، مثقلة بمشاكل ندرة الليثيوم وتأثيره البيئي كنفايات خطرة.

اقرأ أيضاً:

التهاب الرقبة.. السبب الخفي وراء الصداع الشائع

هل يشعر السمك بالعطش؟

الجهات الفاعلة السيئة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تهدد العالم!