في الوقت الذي تمر فيه “فيسبوك” بواحدة من أسوأ الأزمات التي تطال سمعتها منذ تأسيسها عام 2004 إثر فضيحة تسريبات داخلية كشفت اختيار المجموعة لـ”الربح المادي على السلامة”، فجّر خروج التطبيق الأوسع انتشاراً في العالم، ونظرائه التابعين له “إنستجرام وواتساب ومسنجر”، عن الخدمة لنحو 6 ساعات، جدلاً كبيراً حول شبكات التواصل الاجتماعي وقدرتها على التحكم في “ذاتها” وما إذا كانت باتت “قوة لا تستطيع تلك المواقع السيطرة عليها”، على ما قال البيت الأبيض في توصيفه لما جرى، وفق تقرير نشره موقع “إندبندنت عربية”.
وخلفت الأزمة التي ضربت عملاق التواصل الاجتماعي، الإثنين الماضي، خسائر مالية ضخمة جاوزت 6 مليارات دولار أمريكي، فيما كان العطل “أكبر عطل أصاب فيسبوك وتطبيقاته حتى الآن بعدما طال مليارات المستخدمين”، بحسب موقع “داون ديتيكتور” المتخصص في رصد أعطال الخدمات الرقمية.
هل باتت مواقع التواصل “خارج السيطرة”؟
في معرض تعليقها على أزمة انقطاع خدمة مواقع التواصل الاجتماعي وفضيحة التسريبات الداخلية، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إنها “أثبتت أن العمل وفق قيودها الذاتية لم ينجح، بعدما أثارت إزعاجاً للكافة حول العالم”. ومع تأكيد البيت الأبيض، على أن “مواقع التواصل أثبتت أن لديها قوة لا تستطيع السيطرة عليها”، شدد على مواصلة دعمه جهود الإصلاح الجذري للمشكلات الراهنة، ما أعاد الحديث بشأن قوتها والتحكم بها.
وبحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن جايك وليامز، أحد مؤسسي “بريتش كويست” حول الأمن الإلكتروني، “فإن تأثير الحادث أسوأ في كثير من الدول حيث تتماهى فيسبوك مع الإنترنت، أو للمستخدمين الذين يلجأون إلى شبكة التواصل الاجتماعي للوصول إلى خدمات أخرى”.
ووصفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، تعطل خدمات “فيسبوك” و”إنستجرام” و”واتساب”، لنحو 6 ساعات، بأنه “أحد أكبر الاضطرابات التي تحدث لمليارات من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي منذ أعوام، ما تسبب في حدوث فوضى واسعة النطاق بين المستخدمين الذين يعتمدون على التطبيق لإجراء أعمالهم”، وذكرت أن الأمر “يسلّط الضوء مرة أخرى على الحجم الهائل لقوة شركة فيسبوك، وهو ما يخضعه المنظمون والمشرعون في الولايات المتحدة للتدقيق عقب تسريبات من عاملين سابقين في الشركة، اتهموها بالإهمال في القضاء على العنف والمعلومات الخاطئة على منصتها”.
وفي نهاية الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الماضي، اتهمت المهندسة فرانسيس هوغن الموظفة السابقة في المجموعة شبكة التواصل الاجتماعي، عبر وثائق داخلية مسربة، باختيار “الربح المادي على سلامة” مستخدميها في مقابلة بثتها محطة “سي بي إس” الأحد. وأعطت المعلومات التي كشفتها ذخيرة جديدة لمنتقدي “فيسبوك” التي يستخدم منصاتها الأربع شهرياً نحو 3.5 مليار الأشخاص.
ومن أبرز هذه الوثائق، التي نشرتها للمرة الأولى، صحيفة “وول ستريت جورنال” منتصف الشهر الماضي، واحدة تفصّل المشكلات النفسية لكثير من المراهقات. وأظهرت البحوث خصوصاً أن 32% من الفتيات المراهقات شعرن بأن استخدام “إنستجرام” منحهن صورة أكثر سلبية عن جسدهن، فيما لم يكنّ راضيات بالأساس عنه.
وأكدت هوغن أن “شبكة التواصل الاجتماعي هذه مدركة جيداً لهذا الانحراف، ما منح المزيد من الحجج للسلطات لشن حملة على فيسبوك، لا سيما مع التأثير المضر لفيسبوك وإنستجرام في المجتمع. وعليه، رأى الرئيس الأمريكي جو بايدن أن ما كُشف من معلومات يظهر أن الشركة لا تعرف ضبط نفسها”، وفق ما قالت الناطقة باسمه جين ساكي الإثنين. وأكدت أن هذه المعلومات “تثبت المخاوف بشأن السلطة التي حشدتها الشبكات العملاقة”.
دعوة لمواجهة الأضرار
في الوقت نفسه، ذكرت “واشنطن بوست” في افتتاحية لها، أن “الوقت حان لمواجهة الضرر الذي تسبّبه منتجات فيسبوك”، مشيرة إلى أن المجموعة يمكن أن تقرر أن تكون صادقة من تلقاء نفسها أو يمكن للكونغرس أن يجبرها على ذلك.
وأضافت الصحيفة “تظهر حقيقة وجود هذه الأوراق (تسريبات هوغن) أن فيسبوك لا تتجاهل مشكلاتها. ومع ذلك، فإن حقيقة أنهم شقوا طريقهم إلى العلن من خلال السرية والتخريب مشكلة كبيرة في حد ذاتها. وبات النزاع الرئيس هو أن فيسبوك تعرف الضرر الذي تسببه منتجاتها، لكنها أخفته وواصلت إعطاء الأولوية للأرباح”.
[two-column]
أثار خروج عملاق التواصل الاجتماعي #فيسبوك ونظرائه التابعين له “إنستجرام وواتساب ومسنجر”، عن الخدمة لنحو 6 ساعات، جدلاً حول ما إذا كانت شبكات التواصل الاجتماعي قد باتت قوة تصعب السيطرة عليها
[/two-column]
ورأت الصحيفة أن كيفية حل هذه المعضلات هي مناقشة لا يمكن أن تتم فقط داخل فيسبوك نفسها. فعلى الرغم من أن الشركة قامت ببعض التغييرات الجديرة بالثناء بمرور الوقت، فإن الفرق المكلفة التشكيك في الوضع الراهن انتهى بها الأمر، كما قال مؤسس ورئيس جهود النزاهة المدنية في “فيسبوك”، “في حالة من اليأس حول الكسل في العمل”.
من جانبها، كتبت جنيفير روبين في الصحيفة ذاتها، قائلة إن “خبراء التكنولوجيا، بمن فيهم موظفو فيسبوك السابقون، يحذرون منذ أعوام من العواقب الوخيمة لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام، والآن أصبح من الواضح أن لدى الشركة أكواماً من الأدلة التي تؤكد هذه العواقب”.