علوم

كيف يعطل تغير المناخ سقوط أوراق الشجر؟

يأتي فصل الخريف ومعه تتساقط أوراق الشجر، كشكل من أشكال التكيّف والحماية الذاتية، غير أن تغير المناخ يلقي بظلاله على ذلك، وبات يعطّل سقوط أوراق الشجر، وبالتبعية تفتّحها من جديد بألوانها الزاهية المحبّبة.

على سبيل المثال، ففي جميع أنحاء شرق الولايات المتحدة، تصل ألوان الخريف متأخرة عن الموعد المحدد، وهو ما يقول العلماء إنه علامة على أشياء قادمة.

أصبح فصل الخريف أكثر دفئاً نتيجة لتغير المناخ، وتشهد المنطقة الشمالية الشرقية في الولايات المتحدة التي تشتهر بأوراق الشجر النابضة بالحياة، ارتفاعاً في درجة الحرارة بشكل أسرع من بقية أمريكا الشمالية.

تأثيرات تغير المناخ

وحسب دراسة نُشرت في عام 2021، فإن درجة الحرارة ليست المحرك الوحيد لذلك؛ إذ يلعب سقوط الأمطار أو نقصه وتفشي الحشرات دوراً في ذلك، وبما أن تغير المناخ يؤثر على كل هذه العوامل، فإنه يجعل التنبؤ بتوقيت ذروة أوراق الشجر أكثر صعوبة.

تقول ريبيكا فوركنر، عالمة البيئة في جورج مايسون: “يجب أن نشعر بالقلق، ليس فقط بشأن توقيت التغيير في الخريف، ولكن ما إذا كان ينذر بانهيار بعض الغابات أم لا”، وتضيف: “ندرك أن هذه التغييرات هي النباتات التي تخبرنا بأن شيئاً ما ليس صحيحاً”.

 الأشجار تحتاج إلى الراحة

يقول العلماء إن الأشجار مثل البشر، تستعد لفصل الشتاء البارد والمظلم، وفي حين أنها طوال فصلي الربيع والصيف، تنتج أوراقها صبغة خضراء تسمى الكلوروفيل التي تلتقط ضوء الشمس، مما يوفر للأشجار الطاقة اللازمة لإنتاج السكريات والكربوهيدرات التي تحتاجها للنمو والبقاء على قيد الحياة.

ومع انخفاض درجات الحرارة وقصر الأيام، مما يشير إلى نهاية موسم النمو، تستجيب الأشجار بوقف إنتاج الكلوروفيل وامتصاص أي مواد مغذية متبقية، مما يؤدي في الواقع إلى توفير مخزون لفصل الشتاء.

ولكن تكمن تحت هذا الكلوروفيل طوال فصلي الربيع والصيف مواد كيميائية ذات لون برتقالي وأصفر، والتي يتم كشف النقاب عنها عندما تبدأ الأشجار في السُبات.

بالإضافة إلى ذلك، تدفع الأيام القصيرة الباردة بعض أنواع الأشجار، بما في ذلك القيقب الأحمر والسكر، إلى إنتاج الأنثوسيانين الأحمر، ويعتقد العلماء أن هذه المركبات الحمراء تشبه المعطف الشتوي لأوراق الشجر، مما يساعد على درء البرد والسماح للأشجار بامتصاص أي مغذيات أخيرة من الأوراق قبل أن تقتل موجة البرد الأوراق.

وتُعرف العملية التي تؤدي إلى تساقط الأوراق باسم شيخوخة الأوراق، فيما يؤدي تغير المناخ إلى تعطيلها في بعض الأنواع أكثر من غيرها، مع عواقب غير معروفة.

تقول فوركنر: “تتمتع النباتات بقدرة مذهلة على التكيف”، لكن العلماء لا يعرفون حتى الآن حدود قدرة الأشجار على التكيف، مضيفةً “إذا لم يستعيدوا مغذياتهم، فيمكن أن نرى بعض المشاكل في غابتنا، ولكن من السابق لأوانه معرفة ذلك”؟

أشجار أكثر نجاحاً في التكيف مع تغير المناخ

ثمة أشجار تعتبر أكثر نجاحاً في التكيف مع تغير المناخ أكثر من غيرها، لكن مع موت الأشجار الأقل قدرة على التكيف وانحسارها من المناظر الطبيعية، قد تتغير ألوان الخريف أيضاً، فيما تميل الأشجار التي تنتج أصباغا حمراء إلى الانتشار في المناطق الشمالية، ويتوقع بعض العلماء أن لوحة ألوان الخريف يمكن أن تصبح ذهبية أكثر في خطوط العرض الجنوبية.

يقول بنجامين كوك، عالم المناخ في جامعة كولومبيا: “إن هذا الخريف ليس مجرد حدث دافئ استثنائي لمرة واحدة. إنه جزء من الاتجاه المستمر الذي شهدناه على مدى العقود العديدة الماضية، هذا هو موضوع تغير المناخ، الأحداث الفردية التي تشكل جزءا من اتجاه طويل المدى، كان الخريف [الأخير] دافئا جدا في نيويورك. وبعد 30 عاما، قد يبدو الأمر وكأنه ذكرى باردة”.

اقرأ أيضاً:

مكتسبات بيئية وطبيعية لإنشاء محمية الإمام فيصل بن تركي الملكية