بعد عقود من العمل، أكمل فريق من العلماء خريطة زيلانديا، التي ستساعدهم على كشف أسرار الماضي الغامض لهذه القارة المفقودة، بحسب زعمهم.
تسمى زيلانديا أحيانًا بالقارة الثامنة للأرض، وتمتد على مساحة 1.9 مليون ميل مربع، أي حوالي نصف مساحة أستراليا.
لكنها كانت مفقودة لآلاف السنين، لأن 95% منها تحت الماء، وهذا يجعل من الصعب رسم خرائط لأن معظم براكينها ووديانها وصدوعها وجبالها تقع في قاع المحيط بالقرب من نيوزيلندا.
لكن هذا لم يردع العالم نيك مورتيمر، الذي قاد الفريق الذي كان يدرس زيلانديا لأكثر من 20 عامًا.
خريطة زيلانديا
وفي دراسة جديدة، انتهى الفريق من رسم خريطة للجزء الأخير من القارة، وهو الزاوية الشمالية الشرقية.
ومن خلال الجمع بين البيانات التي حصلوا عليها طوال سنوات من البحث، قاموا برسم خرائط لسطح القارة مثل الهضاب والتلال، بالإضافة إلى الحدود التي تلتقي فيها القارة والمحيط عادة، وهي ميزة غير معروفة إلى حد كبير بالنسبة للقارات الأخرى، لأنها لم تتم دراستها عادة.
ونتيجة لذلك، يعتقد العلماء أنهم رسموا خريطة زيلانديا بشكل أكثر دقة من أي قارة أخرى على وجه الأرض.
عقود من العمل
وقد جادل البعض بأن زيلانديا ليست قارة لأن الكثير منها يقع تحت الماء، ويعتبرها آخرون جزءًا قاريًا أو قارة صغيرة.
بالنسبة للجيولوجيين، مثل مورتيمر، فإن تعريف القارة لا يتعلق بالضرورة بمستوى سطح البحر.
بالإضافة إلى الحجم الكبير للقارة والحدود المحددة بين البر والبحر، هناك عامل مهم آخر وهو القشرة القارية.
تحتوي القارة عادةً على قشرة أكثر سمكًا وأكثر تنوعًا من الناحية الجيولوجية – مع وجود الجرانيت والشيست والحجر الجيري والكوارتزيت – مقارنة بقاع البحر.
لقد تطلب الأمر تعاونًا دوليًا كبيرًا ومجموعة من بيانات الأقمار الصناعية والرادار والصخور لفهم جيولوجيا زيلانديا.
وبحلول عام 2019، كان الفريق قد رسم خريطة لحدود جنوب زيلانديا. وقال مورتيمر إنه استنادًا إلى سنوات من البحث والأدلة المتراكمة، شعر الفريق أنه يمكنهم أخيرا “نطق زيلانديا كقارة، وإن كانت أكثر مخفية بكثير من القارات الأخرى”.
لكن الباحثين أرادوا أيضًا معرفة كيف تبدو زيلانديا، بدءًا من براكينها وتلالها وحتى جيولوجيتها السفلية، وهي أقدم قشرة تعمل كأساس لها.
رسم الخرائط الجيولوجية
قام الباحثون بجمع وتأريخ صخور البازلت والحجر الرملي من قاع البحر في منطقة فيرواي ريدج في زيلانديا، الواقعة في بحر المرجان إلى الشمال الغربي من كاليدونيا الجديدة. وتراوحت أعمارها بين حوالي 36 و128 مليون سنة.
من خلال جمع عينات الصخور ثم تحديد مكان وجودها في زيلانديا، تمكن الفريق من تكوين فكرة عن القوى الجيولوجية، مثل تكوين البراكين والقشور الغارقة، التي كانت تحدث ومتى.
يصف مورتيمر زيلانديا بأنها قطعة إضافية من لغز القارة العملاقة غوندوانا.
لفترة طويلة، عرف الجيولوجيون أن غوندوانا عبارة عن كتلة أرضية تحتوي على ما يعرف الآن بالقارة القطبية الجنوبية وأستراليا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا والهند، وبدأت في التفكك خلال العصر الجوراسي المتأخر، منذ حوالي 160 مليون سنة.
أعطت جيولوجيا الطابق السفلي لزيلانديا أدلة حول مكان ملاءمتها للقارة العملاقة إلى جانب أستراليا والقارة القطبية الجنوبية.
وشمل ذلك العثور على مكان التقاء الجرانيت ذات مرة وسجلات الانعكاسات في المجال المغناطيسي للأرض.
وقال مورتيمر: “يمكننا الحصول على بعض التطابقات الجيولوجية المُرضية للغاية عبر هذه القارات قبل تفكك القارة العملاقة”.
وقال مورتيمر: “إن إضافة زيلانديا إلى مزيج البيانات من شأنه أن يمنحنا بعض الأفكار حول سبب تفكك القارات العظمى”.
كما أنها تزود علماء الأحياء بمعلومات مهمة حول النباتات والحيوانات – مثل طيور البطريق القديمة – التي عاشت في زيلانديا.
5 تأثيرات غريبة لأزمة تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة