تراكمت الآثار السلبية لسلوكيات البشر المُهدّدة لسلامة الأرض على مدى العقود الماضية، واليوم، يرى مجموعة من العلماء أن الكوكب يقف عند حافة الخطر، إذا حدثت تغييرات جذرية في الظروف البيئية، قد يستحيل معها العيش في عالمنا مستقبلًا، فما هي؟
المؤشرات الرئيسية لسلامة الأرض
في دراسة جديدة أجراها 29 عالمًا من 8 دول، تم تحليل ما يعرف باسم “الحدود الكوكبية”، وهي 9 عوامل تحتاج الأرض إلى عدم تخطّي مستويات معينة منها، لضمان وجود كوكب مستقر وصالح للعيش.
تشمل هذه العوامل تغيّر المناخ، والتنوع البيولوجي، والمياه العذبة، واستخدام الأراضي، وتأثير المواد الكيميائية والصناعية، والهباء الجويّ.
ويعرف الهباء الجوي بأنه مجموعة الجزيئات العالقة في الغلاف الجوي، والتي تتناثر نتيجة لأنشطة التصنيع وحرائق الغابات وعوادم السيارات وغيرها.
وضع العلماء هذه الحدود التسعة، لأول مرة في ورقة بحثية نشرت عام 2009؛ للحد من التغييرات التي يحدثها البشر على الكوكب، الناتجة عن زيادة النشاط الحراري على الأرض وإزالة الغابات من أجل الزراعة، وما إلى ذلك.
وجدت الدراسة التي نشرت هذا الأسبوع في مجلة “Science Advances” أن البشر قد تخطّوا المستويات الآمنة لستة من هذه الحدود، والتي تقرّب العالم من أن يصبح غير صالح للعيش.
قالت أستاذة علم المحيطات البيولوجية بجامعة كوبنهاجن، والمؤلفة المشاركة في الدراسة، كاثرين ريتشاردسون: “يظهر تأثير تجاوز الحد الآمن لهذه العوامل في الطقس القاسي الذي شهده العالم خلال صيف هذا العام، بعد أن ارتفعت درجة حرارة الأرض بمقدار 1.2 درجة مئوية”.
ومن بين الحدود الثلاثة التي وجد العلماء أنها لا تزال ضمن المعدلات الآمنة، هناك اثنتان تتحركان نحو المعدل الخطر، وهما تحمّض المحيطات وكمية الهباء الجوي.
وأضافت “ريتشاردسون”: “كانت طبقة الأوزون في مستويات الخطر خلال التسعينيات، ولكن بفضل التعاون الدولي للتخلص التدريجي من المواد الكيميائية المستنفدة للأوزون، فإنه في الطريح الصحيح ليكون آمنًا علينا”.
ماذا يعني تخطي الحدود؟
قالت “ريتشاردسون”: “عبور الحدود الآمنة لعوامل سلامة الكواكب لا يعني أن العالم قد وصل إلى نقطة تحول كارثية؛ لأن الأمر يشبه الحساب البنكي، حيث أن رصيدنا هو الموارد التي نستخدمها، ومع زيادة الاستهلاك ينخفض الرصيد”.
وقال سايمون لويس، أستاذ علوم التغيير العالمي في جامعة كوليدج لندن بالمملكة المتحدة، والذي لم يشارك في البحث: “أخذ البشر يدمرون التنوع البيولوجي، ويغيرون المناخ، ويلوثون موطننا، حتى تغيّرت الظروف المستقرة التي مكنت الحضارات الإنسانية من الظهور”.
ومن جهته، قال أندرو فانينغ، وهو زميل باحث زائر في جامعة ليدز في المملكة المتحدة، ولم يشارك أيضًا في التقرير، إن هذه الدراسة يجب أن تدفع صانعي السياسات لاتخاذ قرارات حاسمة تسهم في معالجة أزمة المناخ على الكوكب.
هندسة المناخ.. السلاح ضد التغيرات المناخية الذي يرفضه العلماء
العلماء يكشفون عن وجود علاقة بين تغير المناخ والفيضانات المدمرة في ليبيا