تعد الأمراض الوراثية المتعلقة بالجينات من أصعب الأمراض التي تواجه العلماء، ولعل آخر الحالات المشهورة هو الطفل البريطاني تشارلي جارد الذي توفي نتيجة معاناته من متلازمة ألبيرز هوتنلوشر، وهي حالة نادرة للغاية لا يستطيع فيها الحمض النووي للميتوكوندريا التكاثر، مما يؤدي في النهاية إلى تلف الدماغ وفشل الكبد.
حركت حالة الطفل تشارلي الأصوات التي تنادي بالتوسع في مجال الهندسة الوراثية وإتاحتها للبشر، حيث يرون أنها قادرة على إنقاذ ملايين الأرواح من خلال علاج الأمراض الوراثية مثل السرطان والتليف الكيسي، وفي الواقع هذه التكنولوجيا ذاتها موجودة في مهدها في الأبحاث الطبية، بخلاف أنه يمكن استخدامها على الحيوانات لتحسين جودة الغذاء، لكن هناك أصواتاً أخرى معارضة للفكرة ويرون أنه سيتم إساءة استخدام الهندسة الوراثية من قبل العديد من الباحثين عن الكمال الذين يرغبون في تصميم أطفالهم.
فوائد عديدة للهندسة الوراثية البشرية
يدافع أنصار البحوث الجينية عن الهندسة الوراثية باعتبارها طريقة أسيء فهمها للتقدم الطبي، حيث يرون أن القدرة على إزالة الجينات المعيبة واستبدالها بجينات سليمة هي أداة طبية هائلة للوقاية من الأمراض، تشبه في الإنجاز تطوير البنسلين أو لقاح شلل الأطفال.
ويقول المؤيدون إن الكائنات المعدلة وراثيا، على الرغم من أوجه القصور، نجحت في تمكين المزارعين من إنتاج أغذية قوية، ومقاومة أمراض المحاصيل، وتوفير المزيد من التغذية للعالم النامي، وبالتالي يمكن جني نفس الفوائد من خلال تعديل الوراثة البشرية بنوايا مماثلة.
وأكد المؤيدون أن الهندسة الوراثية مثل أي اختراع قد يتسبب في الضرر أن أسيء استخدامه، لكن ذلك لا يعني أن نمنع أنفسنا من الفوائد التي ستعود علينا من التطور في الهندسة الوراثية حال استغلالها بشكل جيد.
وأشار أنصار الهندسة الوراثية البشرية إلى الإنسان تمكن بواسطة الهندسة الوراثية وبعض الأبحاث الإضافية، من علاج العديد من الأمراض والاضطرابات الوراثية مثل مرض ألزهايمر، ومرض باركنسون، والتليف الكيسي، والهيموفيليا، وعمى الألوان، وبعض أنواع السرطان، ومتلازمة داون. وبالتالي تحسين نوعية حياة الكثيرين.
أسباب رفض الهندسة الوراثية
يقول الرافضون للتوسع إن أحد الاهتمامات الرئيسية في مجال الهندسة الوراثية هو إمكانية التغيير الدائم لما يعرف باسم “الخط الجرثومي”، أو القاعدة الأساسية للجينات التي تنتقل إلى الأجيال القادمة، وذلك يمثل مغامرة محفوفة بالمخاطر خاصة أن التعديل الوراثي ليس مفهوما جيدا بعد، وأن التغييرات البسيطة في منطقة واحدة من الكروموسوم يمكن أن يكون لها عواقب غير مقصودة في وقت لاحق.
وبرهن المعارضون على صحة وجهة نظرهم بأن الكائنات المعدلة وراثيا بدأت في الظهور في سبعينيات القرن العشرين لتعزيز الإنتاج الزراعي، لكن بعد عقود من الزمن شهدت الكائنات المعدلة وراثيا تراجعا في شعبيتها، حيث اتضح أن لها تأثيرات بيئية، وثبت أيضًا أنها أثرت سلبًا على التمثيل الغذائي لدى البشر.
وأكد المعارضون أن تكنولوجيا الهندسة الوراثية ستكون حصرية للطبقات الاقتصادية العليا في العالم المتقدم، فإن الصدع الجيني سيحدث في الأجيال اللاحقة، مما يؤدي إلى انقسامات عميقة بين الطبقات الاجتماعية.
ويرى الرافضون أن الهندسة الوراثية يمكنها علاج العديد من الأمراض، لكنها يمكن أن تؤدي إلى أمراض جديدة أيضًا، فكيف نعرف على وجه اليقين أن خلط الحمض النووي لعلاج شيء واحد لن يؤدي إلى مشكلة أخرى؟ وقد تظهر أمراض لم نسمع عنها أو نعرفها من قبل.
هل يجب أن تبقى الحيوانات في حدائق الحيوان؟