بعد سنوات من البحث والجدل أكدت تقارير صحفية أن منظمة الصحة العالمية اقتربت من الإعلان عن تصنيفها لمادة الأسبرتام كمادة مسرطنة، وهي الخطوة التي سيكون لها أثر تسونامي على قطاع تصنيع الحلوى والعديد من المنتجات الغذائية التي تعتمد على الأسبرتام كمادة أساسية في تصنيعها لمدة تتجاوز الأربعة عقود منذ التصريح صلاحيته للاستخدام البشري عام 1981.
ما هي الأسبرتام؟
تعد الأسبرتام مادة حلوة اصطناعية تستخدم كبديل للسكر في الأطعمة والمشروبات الخفيفة والحلويات، وتعتبر الأسبرتام إحدى أكثر المواد الحلوة شيوعاً في العالم، حيث تستخدم في أكثر من 6000 منتج مختلف، ويعود الاعتماد كثيرا على تلك المادة مؤخرا لأنها أكثر حلاوة من السكر ولأن سعراتها الحرارية أقل بكثير حيث تقدر حلاوتها أكثر بـ3000 مرة من السكر، وتستخدم الأسبرتام لتحلية المشروبات الغازية خاصة الخالية من السكر وفي الحلويات والعلكة.
سنوات من التأجيل
يطالب العلماء وأطباء الأورام بوقف استخدام الأسبرتام وغيرها من المحليات الاصطناعية منذ سنوات طويلة، إلا أن أول مرة أدرجت على جدول أعمال الوكالة الدولية لبحوث السرطان كان في العام 2008، لكنها حملت تصنيف “أولوية متوسطة”، واستمر الوضع كما هو حتى عام 2014 حيث رفعت الوكالة تصنيفها إلى “أولوية عالية” بسبب استخدامها على نطاق واسع، والقلق المستمر بشأن قدرتها على التسبب في السرطان، وظهور تقارير توضح أن المادة أثرت سلبًا على الحيوانات وتسببت في إصابتهم بأورام سرطانية، لكن لم يتم إجراء الأبحاث اللازمة حتى العام 2022.
ورفضت الوكالة الدولية لبحوث السرطان التعليق على عدم اتخاذ إجراءات بشأن الأسبارتام لأكثر من عقد، واكتفت بتحديث قائمة أولوياتها كل خمس سنوات.
دليل جديد على أضرار المحليات الصناعية
ظهرت نتائج أحدث دراسة حول تأثير الأسبرتام وغيرها من المحليات الصناعية بفرنسا في مارس 2022، واعتمدت الدراسة على متابعة 100 ألف شخص بالغ، حيث اتضح أن الأشخاص الذين استهلكوا كميات أكبر من المحليات الصناعية، بما في ذلك الأسبارتام، كانوا أكثر عرضة للإصابة ببعض أنواع السرطان.
وشكك البعض في نتائج الدراسة الفرنسية وحول مدى مصداقية كل الأشخاص المشاركين حول الكميات الحقيقية التي تناولوها من المحليات الصناعية، لكن إريك ميلستون، أستاذ السياسة العلمية بجامعة ساسكس البريطانية، يرى أن نتائج الدراسة حتى وإن كانت ليست موثوقة إلا أنها ستحرك الساكن في الوكالة الدولية لبحوث السرطان، خاصة بعدما أظهرت الدراسة أن الأسبرتام هي أكثر المواد المضافة استخدامًا على هذا الكوكب.
تصنيف “مادة مسرطنة محتملة”
يتوقع بعض العلماء وضع مادة الأسبرتام في تصنيف “مادة مسرطنة محتملة”، نظرًا لعدم وجود الأدلة الكافية لإثبات ارتباط الأسبرتام وإصابة البشر بالسرطان، وأنه قد يتم التعامل معها مثل مستخلص أوراق الصبار الكاملة وبعض الخضروات المخللة، التي صدر تحذيرات من استخدامها كثيرًا لكنها ليست ممنوعة.
ويقول خبراء في علم السموم والسرطان إن التصنيف “مادة مسرطنة محتملة”، يعتبر خطوة للأمام في هذا الشأن حيث سيوفر حافزًا لتمويل المزيد من الأبحاث الدقيقة في مسألة سلامة الأسبرتام والمحليات الصناعية من عدمه.
ومن المتوقع أيضًا أن تصدر قريبًا توصية منفصلة من لجنة الخبراء المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية بشأن مستويات الاستهلاك الآمن للمحليات الصناعية.
أين تتزايد معدلات منع الحمل حول العالم؟ وأين تنخفض؟