سياسة عالم

رحلة أنجيلا ميركل.. من نادلة إلى أول مستشارة في تاريخ ألمانيا

تطوي ألمانيا، اليوم، حقبة أنجيلا ميركل، المستشارة التي تحظى بشعبية كبيرة، واستمر حكمها 16 عاماً، قادت فيها بلادها خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، وما بعدها من تحولات كبيرة عاصفة شهدها العالم في السنوات الماضية.

وتجري في ألمانيا اليوم، الأحد، انتخابات برلمانية تحدد نتائجها خليفة المستشارة أنجيلا ميركل التي قادت البلاد لمدة 16 عاماً، شكلت فيها ملامح جيل بأكمله وكانت واحدة من أقوى القادة ولقبت خلالها بأقوى امرأة في العالم.

من هي أنجيلا ميركل؟

اسمها أنغيلا دوروثيا كاسنر، ولدت في ألمانيا الغربية عام 1954، ودخلت عالم السياسة عام 1989، بعد سقوط جدار برلين، الذي كان يفصل بين ألمانيا الغربية، وألمانيا الشرقية، التي نشأت فيها وقضت فيها كل حياتها إلى أن توحدت البلاد.

درست أنجيلا الفيزياء في جامعة ليبزيغ، وحصلت على شهادة الدكتوراه عام 1978، وعملت خبيرة في الكيمياء بالمعهد المركزي للكيمياء الفيزيائية، التابع لكلية العلوم من 1978 إلى 1990.

وارتقت في المسؤوليات السياسية لتصل إلى منصب زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي، ثم تصبح عام 2005، أول امرأة تتولى منصب المستشارة الألمانية، بعد أن نجحت في الحصول على أصوات الناخبين من اليمين واليسار على حد سواء، إذ أثبتت أنها تفهم عقلية الشعب الألماني وأهمية الثقة التي يمنحها للسياسي.

وعُرفت ميركل بأنها إدارية ممتازة، رغم أنها تميل إلى الحذر والتأخر في اتخاذ قراراتها. كما أنها تمتعت بميزة قد تكون نادرة بين الزعماء السياسيين إذ لم يعرف عنها التورط بأي فضيحة، كما لا يوجد في ماضيها أسرار كان الكشف عنها سيضعها في موقف حرج.

شغلت ميركل منصب زعيمة الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) لأربع فترات متتالية. ويعتقد أنها لم تكن تنوي الترشح لولاية رابعة، لكنها عدلت عن رأيها بعد عشاء مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عام 2016. وتشير بعض الروايات إلى أن أوباما هو من “ناشد ميركل لخوض الانتخابات مرة أخرى حتى يتمكن شخص ما -هي- من توحيد الغرب والعالم. وبعد أربعة أيام من هذا اللقاء ، أعلنت ميركل ترشحها.

المرأة الحديدية

وكانت ميركل منذ توليها منصب المستشارة الألمانية محط أنظار وسائل الإعلام العالمية، بسبب شخصيتها المتميزة ومنصبها الكبير في الساحة الدولية، وأطلقت عليها الصحف والمجلات العديد من الألقاب منها بينها السيدة الحديدية، لمواقفها الصارمة ومنهجها العلمي الجاف مقارنة بالعمل السياسي التقليدي، كما يطلق عليها الألمان لقب “الأم”، لما يجدون فيها ربما من عاطفة وتفاعل مع حاجياتهم الاجتماعية.

وصنفتها مجلة فوربس الأمريكية أقوى امرأة في العالم نظرا لبقائها في الحكم مدة طويلة ولنجاحها الاقتصادي الباهر وصمود ألمانيا أمام الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أصابت أغلب دول أوروبا بالركود، وكادت أن تودي بأخرى إلى الإفلاس.

وفاجأت المستشارة الألمانية العالم عندما فتحت حدود بلادها لجميع اللاجئين عندما اشتدت أزمة المهاجرين الهاربين من الحروب والمجاعة نحو أوروبا، ومقتل الآلاف منهم في البحر الأبيض المتوسط.

وواجهت ميركل معارضة كبيرة في بلادها بعد دخول أكثر من مليون لاجئ ومهاجر إلى ألمانيا، وتراجعت شعبيتها في الانتخابات، لكنها تمسك بموقفها من اللاجئين، وكان يتوقع أن تفوز بجائزة نوبل للسلام.

[two-column]

استمر حكم أنجيلا ميركل 16 عاماً، قادت فيها بلادها خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، وما بعدها من تحولات كبيرة عاصفة شهدها العالم في السنوات الماضية

[/two-column]

وذكرت الصحفية الألمانية باتريشيا ليسنير كراوس في كتاب يتحدث عن السيرة الذاتية لأول مستشارة ألمانية وحمل عنوان: “ميركل.. السلطة.. السياسة”، أن أول مستشارة في تاريخ ألمانيا عملت أثناء دراستها الفيزياء كنادلة في إحدى الحانات.

وكانت ميركل خلال مرحلة المراهقة الطالبة الأولى على مدرستها وكانت ترغب في أن تصبح معلمة، لكن هذا الحلم تبدد بعدما اعتبرت الحكومة الشيوعية أسرتها مشتبها بها. لذلك فقد درست الفيزياء ومارست عملاً لبعض الوقت في حانة.

وقالت ميركل: “نعم، عملت نادلة في حانة… كنت أحصل على أجر يتراوج بين 20 و30 فينينج عن كل مشروب أبيعه وهذا منحني دخلا اضافيا تراوح بين 20 و30 ماركا في الاسبوع. هذا ساهم الى حد كبير في دفع الايجار”. وأضافت: “مع الاخذ بعين الاعتبار أن أجري كان 250 ماركا /قرابة 15 دولارا/ في الشهر.. فقد كان هذا الدخل الاضافي هام للغاية”. وحصلت ميركل على درجة الدكتوراة في برلين الشرقية عام 1986 تحت إشراف البرفسور يواكيم زاور الذي أصبح فيما بعد زوجها الثاني.