رغم وجود الذكاء الاصطناعي منذ عدة سنوات، إلا أن الآونة الأخيرة شهدت تسارعًا كبيرًا في تطوره ودمجه في مجال سوق العمل، منذ ظهور “شات جي بي تي” ChatGPT التابع لشركة “OpenAI” وقدرته الهائلة على كتابة النصوص وأداء غيرها من المهام باحترافية، جعلت العديد من الخبراء يحذرون من تأثير الذكاء الاصطناعي على بعض الوظائف والمجالات، إلا أن هناك البعض الآخر الذي يرى أن الذكاء الاصطناعي سيكون مكملًا للعنصر البشري وميسرًا لمهامه وسيسهم بشكل كبير وفعال في تطوير الأعمال.
الذكاء الاصطناعي شريك مهم لتيسير العمل
يقول كارل بينيديكت فراي، مدير مستقبل العمل في جامعة أكسفورد إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعدك على تبادل الأفكار وتوليد أفكار جديدة عن طريق النقاش، وعلى سبيل المثال يمكن الاستفادة منه في الجانب الأكاديمي بجعله يختبر الحجج المضادة لأطروحة ما، وأن نطلب منه كتابة ملخص لبحث ما، وهو ما يوفر الكثير من الجهد والوقت بالنسبة للأساتذة والباحثين الأكاديميين.
ويرى إيثان مولليك، الأستاذ المساعد في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة أن الذكاء الاصطناعي يعمل مكملًا للعنصر البشري ويسهل مهام العمل، لافتًا إلى أنه يقوم بتوليد الأفكار طوال الوقت، ويطلب من الذكاء الاصطناعي عمل مكملات عليها، ويستخدمه لمساعدته في معالجة المعلومات، وتلخيص النصوص، مما جعله يعتبر الذكاء الاصطناعي شريكًا في العمل وليس منافسًا.
زيادة دقة العمل
تؤكد آنا سالومونز، الأستاذة في كلية الاقتصاد بجامعة أوتريخت بهولندا أن الذكاء الاصطناعي قادر على اكتشاف الأخطاء في النصوص، وتحليل بياناتها بشكل غير متحيز ودقيق لدرجة يصعب على العنصر البشري الوصول إليها بمفرده.
وأوضحت “سالومونز” أن قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي الجديدة تجعله يستطيع اقتحام مجالات وقطاعات لا تعد ولا تحصى، وتقديم مستويات مذهلة في أداء المهام بحيادية وشمول، بالإضافة إلى القدرة على تشخيص المشكلات بشكل أسرع وأفضل.
وظائف ومهن جديدة على المدى الطويل
أثبتت الدراسات في الفترة الماضية أن الذكاء الاصطناعي قد يحل محل ما يعادل 300 مليون وظيفة بدوام كامل في القريب العاجل، لكن الخبراء يرون أنه لا داعي للقلق بهذا الشأن فكل موظف سيطور من مهاراته لن يعاني من البطالة وأن كل ما عليه هو مواكبة التطور وتطوير مهاراته الشخصية، ومع مرور الوقت سيكون إتقان التعامل مع الذكاء الاصطناعي شرطًا اساسيًا للتوظيف مثلما هو الوضع الآن بالنسبة لضرورة إتقان مهارة استخدام الحاسب الآلي لأي شخص يتقدم إلى وظيفة.
وترى “سالومونز” أن استخدام الذكاء الاصطناعي سيؤثر على الموظفين على المدى القصير فقط، وأن سوق العمل يتطور بشكل مستمر، فإن أحد الأبحاث في السنوات القليلة الماية أثبت أن 60 % من الوظائف الحالية حول العالم لم تكن موجودة عام 1940.
وأشارت “سالومونز” إلى أن انتشار الذكاء الاصطناعي سيضيف وظائف جديدة، ويزيد الطلب على بعض الوظائف مثل محللي البيانات والعلماء والمبرمجين الذين يعملون في مجال التقنية، وفق تقرير مستقبل الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023، والذي أوضح أيضًا أن تخصص الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أسرع مجالات العمل نموًا.
ضرورة للاستمرار.. والتحدي المستقبلي
أكد “إيثان مولليك” أن وجود مهارات التعامل مع الذكاء الاصطناعي واستخدامه سيصبح أمرًا ضروريًا لأي باحث عن وظيفة أو حتى لأي شخص يسعى للحفاظ على وظيفته، حتى لا يتخلف عن الركب، ويكون قادرًا على التكيف مع الأوضاع ولمهام الجديدة في العمل.
وأضاف “مولليك” أن التحدي المستقبلي هو استغلال قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة في تطوير قدرات العمل وابتكار أشياء جديدة لم يكن من الممكن تصورها سابقًا، وعدم الاكتفاء بإنجازه للمهام القديمة بسرعة أكبر.
ما هو “الرماد السحري” الذي يعول عليه العلماء لإنقاذ الأرض؟
الصين تحظر منتجات “ميكرون” الأمريكية للرقائق الإلكترونية.. لماذا؟