تقنية

لماذا يحتاج رواد الفضاء للدخول في حالة “سبات” خلال رحلاتهم؟

يعتقد العلماء أن حالة السبات التي يدخل فيها رواد الفضاء، والتي نشاهدها في الكثير من الأفلام التي تتمحور حول الوصول إلى الفضاء، قد تكون ممكنة في يوم ما.

وفي هذه الأفلام يكون رائد الفضاء قادرًا على الدخول في كبسولة والاستغراق في نوم طويل قد يصل إلى أشهر، حتى يصل إلى وجهته الذي يستغرق الوصول لها أضعاف هذه المدة.

ما أهميته؟

وإذا كان الأمر كذلك، فسيكون ذلك بمثابة نعمة لاستكشاف الفضاء، إذ يستهلك رائد الفضاء الواحد حوالي 30 كجم من الطعام والماء يوميًا، وبقياس ذلك على الـ 16 شهرًا تقريبًا التي سيستغرقها السفر إلى المريخ والعودة، وهو ما يضيف حمل كبير على سفينة الفضاء.

وخلال السبات، لن يأكل أو يشرب رواد الفضاء كثيرًا، وسيستهلكون الحد الأدنى من الأكسجين.

وبالتالي، يمكن أن يوفر السبات للمراقبين في المهمة مبلغًا ضخمًا من المال، مما يقلل من كمية البضائع الغذائية المطلوبة بنسبة 75٪ وحجم المركبات الفضائية التي يحتاجها ما يصل إلى الثلث.

وهناك أيضًا عوامل نفسية إيجابية للسبات ومنها: عدم شعور رواد الفضاء بالملل أو الإجهاد أو الوحدة، وستكون هناك حاجة إلى وقت ومساحة أقل للمساعدة في الحفاظ على لياقتهم أو الترفيه.

وسيكون هناك أيضًا فوائد صحية للسبات، فبدون قوة الجاذبية، يعاني رواد الفضاء في الفضاء من إهدار العضلات وفقدان كثافة العظام.

حتى في محطة الفضاء الدولية، حيث تتوفر معدات رياضية عالية التقنية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ويتم اتباع بروتوكولات التمارين الصارمة، يفقد رواد الفضاء ما يصل إلى 20٪ من كتلة عضلاتهم.

وسيمثل ضعف العضلات مشكلة أكبر خصوصًا في البعثات إلى المريخ، إذ لن تكون هناك أطقم دعم تنتظر بعد الهبوط على الكوكب الأحمر.

السبات عند الحيوانات

تدخل الحيوانات في حالة سبات خاصة تسمى “Torpor”، حيث يتباطأ التمثيل الغذائي لها وينخفض ​​معدل ضربات القلب والتنفس ودرجة حرارة الجسم.

حتى الخلايا التي يتكون منها جسم الحيوان تتوقف عن الانقسام والموت، وتسمح هذه الحالة التي تختلف عن النوم، للحيوانات بالحفاظ على الطاقة في أوقات ندرة الغذاء.

ويبدو أن هذه الحالة تحمي من بعض الآثار الضارة للسفر إلى الفضاء، فكمثال، أظهرت السناجب مقاومة لمستويات عالية من الإشعاع أثناء السبات، ربما لأن الخلايا في هذه الحالة تتكاثر بمعدلات أقل بكثير وتكون أقل عرضة للتلف.

كما أن الدخول في حالة تشبه السبات يساعد الدببة والسناجب في الحفاظ على بنية عظامها وتناغم عضلاتها، إذ تظهر الدببة التي تستيقظ من السبات مستويات لياقة عالية بشكل مدهش.

ويقول بيريتر هان، أستاذ علم الأعصاب وبيولوجيا الخلية في جامعة غوتة في فرانكفورت، ألمانيا: “إذا بقيت في السرير لعدة أشهر، فستفقد قدرًا كبيرًا من الأنسجة العضلية خلال ذلك الوقت”.

وهان هو عضو في مجموعة أبحاث السبات التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية ESA، والتي تجري أبحاثًا في حالة السبات البشري للرحلات الفضائية الطويلة إلى المريخ.

ويوضح هان: “هذا الانخفاض القوي في الأنسجة خلال فترات عدم الاستخدام الطويلة يتم تجنبه تمامًا تقريبًا أثناء السبات، مما يعني أن رواد الفضاء القادمين إلى المريخ ييكونوا في حالة جيدة ويجب ألا يحتاجوا إلى وقت طويل للتعافي”.

تبريد الجسم

يمكن أن يؤدي تبريد الجسم أيضًا إلى نوع من حالة السبات، ففي التسعينيات، أظهر باحثون من مركز سفر لأبحاث الإنعاش بجامعة بيتسبرغ أن التبريد السريع لنظام الدورة الدموية للكلاب المصابة بالسكتة القلبية أرسلها إلى حالة توقف عملياتها الحيوية.

وهناك عملية مماثلة، تُعرف باسم انخفاض حرارة الجسم العلاجي، تُستخدم بالفعل في بعض المستشفيات لعلاج المرضى الذين يعانون من السكتة القلبية أو إصابات الدماغ الرضحية.

ويُعتقد أن تبريد الجسم إلى حوالي 32-34 درجة مئوية (89.6-93.2 فهرنهايت) يقلل من تلف الدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى، وهو أمر منطقي، لأن الخلايا في أجسامنا تتطلب إمدادات ثابتة من الأكسجين لتلبية متطلباتها الأيضية.

وفي الظروف العادية، يضخ القلب هذا الأكسجين حول أجسامنا. لكن في مرضى الصدمات، يؤدي فقدان الدم إلى نفاد الأكسجين من الخلايا وموتها بسرعة، ولكن تبريد الجسم ببضع درجات يقلل من طلبه للطاقة والأكسجين، مما يوفر وقتًا أطول للأطباء.

وحاليًا تجري شركة الطيران “سبيس وورك إنتربرايس” تجارب لإدخال بعض رواد الفضاء في سبات لمدة أسبوعين، قبل أن تُعيد تنشيطهم مرة أخرى، وذلك بتمويل من وكالة ناسا.

ووفق فلاديسلاف فيازوفسكي، أستاذ فيزيولوجيا النوم بجامعة أكسفورد: فلا يوجد شيء يمنع الإنسان من السبات، وما يُجرى حاليًا محاولات لمعرفة ما إذا كان الأمر يمكن أن يُطبق عليه أم لا.

نحو استكشاف الكون.. تفاصيل وأهداف برنامج المملكة لرواد الفضاء

حياة ليست كالتي نعرفها.. أغرب ما يعيشه رواد الفضاء خارج الأرض

كيف يغسل رواد الفضاء شعرهم؟(فيديو)

المصادر :

bbc /