طوال الأشهر الماضية، تبحث كوريا الجنوبية وضع خطط لتطوير أسلحتها النووية، وهو ما نتج عنه الاجتماع الافتتاحي لمنتدى السياسة النووية السري الذي تم مؤخرًا وضم في حضوره ساسة وعلماء وعسكريين.
وتحظى الفكرة بدعم من حوالي 70% من الشعب، بالإضافة إلى أن رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، رجح الفكرة خلال اجتماع دفاعي، مما يجعله الرئيس الوحيد الذي يطرح هذا الخيار على الطاولة في الآونة الأخيرة، كما أن الصحف تروّج لها يوميًا، بحسب تقرير لـ بي بي سي.
مخاوف من كوريا الشمالية
تتصاعد مخاوف كوريا الجنوبية من جارتها الشمالية المسلحة نوويًا، ما يدفع الأولى للاستعانة بمساعدة الرئيس جو بايدن، وهو الهدف من وراء الزيارة التي سيقوم بها الرئيس يون إلى البيت الأبيض الأربعاء المقبل.
ومنذ السبعينيات وتحمي الولايات المتحدة كوريا الجنوبية من خلال ترسانتها النووية الحالية، إذ كانت الأخيرة تعمل على برنامج نووي لتطوير أسلحتها عندما وجهت الثانية إنذارًا، وأعطتها خيارين إما أن تستمر في البرنامج أو تتولى هي حمايتها، وهو ما ترتب عليه نشر قوات أمريكية في شبه الجزيرة الكورية حتى الوقت الحالي.
ولكن هذه الخطوة كان لها تأثيرًا على الأوضاع الجيوسياسية، فبدأت كوريا الشمالية بتطوير أكبر لأسلحتها النووية حتى باتت قادرة على استهداف قلب الولايات المتحدة، وهو ما أثار التساؤل حول نية أميركا للاستمرار في حماية كوريا الجنوبية.
ووفق التوقعات الحالية التي وضعها أعضاء الاجتماع السري، فإن الولايات المتحدة لن تخاطر بالاشتراك في الحرب إذا هاجم رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون المولع بالحروب جارته الجنوبية، خصوصًا إذا هدد أون الولايات المتحدة بإحدى القنابل.
سياسة الاعتماد على النفس
يعتبر بعض الساسة أن مهمة حماية كوريا الجنوبية لا تنبغي أن تؤول إلى أي دولة أخرى، فيقول تشوي جي يونغ، عضو المنتدى وعضو حزب سلطة الشعب الحاكم في كوريا الجنوبية: من غير المنطقي التفكير في أن تقوم دولة أخرى بحمايتنا، فهذه مشكلتنا ومسؤوليتنا.
فيما تتضمن خطة رئيس المنتدى الأكاديمي تشيونغ سيونغ تشان المقترحة، انسحاب سيول من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، إذا أقدمت كوريا الشمالية على اختبار سلاح نووي مرة أخرى.
وفي غضون 6 أشهر ستبدأ سيول في صنع أسلحتها الخاصة، حال لم يوافق كيم على مناقشة التخلي عن بعض أسلحته النووية، وهو ما يعتبره تشيونغ وسيلة لتقليل احتمالات اندلاع حرب نووية في شبه الجزيرة الكورية.
من ناحية أخرى، تستبعد جيني تاون، من مركز الأبحاث 38 نورث ومقره الولايات المتحدة، أن يؤدي تسليح الجنوب سيردع الشمال عن المجازفة بالهجوم، لأن انتشار هذا النوع من الأسلحة بمثابة فتح الباب للمواجهة، على غرار ما حدث بين الهند وباكستان.
وعلى الرغم من أن أمريكا لا ترى أي مصلحة في تسليح نووي لكوريا الجنوبية، إلا أن الأمر منذ البداية كان بفعلها، ولكن هذا لم يمنع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من تهديد كوريا الجنوبية في عام 2016، بأنه سيجعل سيول تدفع مقابل وجود القوات الأمريكية المتمركزة على أراضيها، وإلا فسيسحبها.
ومن ذلك الوقت، ويرى عدد كبير من الكوريين الجنوبيين أن بناء القنبلة النووية أصبح لا مفر منه، خصوصًا وأن حماية الولايات المتحدة لهم تتوقف على مزاج رئيسها.
ويرى بعض الأشخاص من مختلف الأعمار الذين استطلعت بي بي سي آراءهم في إحدى صالات الساونا، إن تطوير كوريا الجنوبية أصبح شرًا لا بد منه، لأن الولايات المتحدة لن تستخدم أسلحتها في الدفاع عنهم.
محاولات للطمأنة
في ظل هذه الحالة من عدم اليقين تجاه مساعدة الولايات المتحدة، تسعى واشنطن لطمأنة حليفتها عبر تأكيد التزامها التام بالدفاع عنها.
ولكن يبدو أن هذه المحاولات تذهب سُدى، خصوصًا بعد أن تمركزت حاملة طائرات عملاقة تعمل بالطاقة النووية في ميناء بوسان الجنوبي، في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي ظل الغموض الذي يكتنف الموقف الأمريكي فيما يخص دعم كوريا الجنوبية، يتسرب الشك إلى قلب الساسة هناك من جدية استخدام الولايات المتحدة أسلحتها للدفاع عنهم حال نشوب حرب نووية.
وعلى الرغم من أن النظام الدولي الحالي مبني على منع انتشار الأسلحة النووية، وقد دفعت الدول التي تقوض هذا النظام، مثل إيران وكوريا الشمالية ، ثمناً باهظاً، إلا أن هذا الأمر لا يمثل الكثير بالنسبة للشعب الكوري الجنوبي على ما يبدو.
ولا ينظر الشعب إلى العواقب، خصوصًا في ظل الشكوك حول المساعدات المتوقعة من الولايات المتحدة.
له 24 عينًا.. اكتشاف مخلوق غامض في هونغ كونغ
الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. التغير المناخي يكتب سيناريو مظلمًا