تظل قضية تأثير الصيام على الصحة والشيخوخة وأصحاب الأمراض محل بحث، وتتسارع وتيرة إجراء الدراسات حولها، إذ يُنظر إليه على أنه علاج لبعض الأمراض، ولكن ماذا لو نظرنا إلى كيفية تأثيره على الحالة النفسية للصائم.. هل يغيّرها بالسلب أو بالإيجاب؟
تأثير الصيام على الحالة النفسية للصائم
نقلت المكتبة الوطنية للطب في الولايات المتحدة، عن بعض الدراسات، أن الصيام قصير الأمد يمكن أن يؤدي إلى تحسين الحالة المزاجية، وهو ما ينعكس من خلال زيادة المزاج الإيجابي والحيوية وانخفاض المزاج السلبي.
وجدت دراسة أجريت على نساء أصحاء صُمن 18 ساعة، أن الصيام يمكن أن يؤدي إلى زيادة التجارب العاطفية الإيجابية مثل الشعور بالإنجاز والمكافأة والفخر والسيطرة.
وأظهرت دراسة أخرى أن الصيام لمدة 16 ساعة قد يعزز مواجهة الخوف ويمنع عودته، وقد يستمر هذا التأثير لمدة 6 أشهر على الأقل.
في المقابل، أفادت بعض الدراسات أن الصيام قصير الأمد يمكن أن يزيد من المشاعر السلبية، مثل الاكتئاب والقلق والغضب والتهيج والإرهاق والتوتر، ويقلل من المشاعر الإيجابية والحيوية.
في دراسة عن الصيام لمدة يومين متتاليين، لوحظ انخفاض المزاج الإيجابي، وارتفاع المزاج السلبي العالي، وانخفاض أداء العمل المُتصور، ولكن آثار الصيام على الحالة المزاجية الإيجابية وأداء العمل المتصور نتجت عن الإلهاء الناتج، وليس فعل الصيام أو نتيجة الجوع. وقد يكون هذا الإلهاء نتيجة الاهتمام الذي يتطلبه الصيام.
ومع ذلك، فقد أظهرت بعض الدراسات أنه لا يوجد فرق كبير بين أيام الصيام وأيام عدم الصيام أو بين الأشخاص الصائمين وغير الصائمين من حيث المشاعر الإيجابية أو السلبية.
رمضان يفضّ الاشتباك
ربما لاحظت الاختلاف بين نتائج الدراسات المذكورة أعلاه، ويرجع السبب في هذا إلى أن المعتقدات الدينية القوية يمكن أن تؤدي إلى آثار إيجابية على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان.
بالنسبة لأولئك الذين يقدرون معتقداتهم الدينية، يمكن أن يكون الصوم تجربة ممتعة مليئة بالتسامح، في المقابل، قد يجلب الصوم مشاعر سلبية لمن ليس لديه معتقدات دينية.
هناك سبب آخر، وهو أن الصيام مرتبط بضبط النفس العاطفي، كما أنه عملية تتطلب جهدًا معرفيًا كبيرًا، بما في ذلك التحكم في العاطفة الذاتية، مثل التحكم في الرغبة في تناول الطعام لساعات طويلة. تشير الأبحاث إلى أن إتمام فترة الصيام بنجاح قد يزيد من الشعور بضبط النفس.
وأخيرًا، قد تؤدي أدوات التقييم المختلفة للأهداف النفسية إلى نتائج مختلفة. على سبيل المثال، في دراسة حول شهر رمضان في ألمانيا، استٌخدم المقياس التناظري البصري ومقياس شدة التعب لقياس تأثيرات الصيام.
أظهرت نتائج المقياس التناظري البصري أن التعب زاد أولًا ثم انخفض، لكن نتائج مقياس شدة التعب أظهرت أن التعب استمر في الانخفاض خلال صيام رمضان.
قد تؤدي تجربة الصيام السابقة إلى نتائج مختلفة. أظهرت دراسة أنه بالمقارنة مع المجموعة التي لديها تجربة صيام سابقة، فإن المجموعة التي ليس لديها تجربة صيام سابقة كانت لديها حالات مزاجية سلبية أكثر، وتوتر أكثر، وحيوية أقل.
هدر اللحوم في المملكة.. أطنان مفقودة سنويًا تبحث عن المنفعة