يثير قلق العلماء ما كشفت عنه دراسات حديثة من أن جودة الحيوانات المنوية آخذة في الانخفاض في جميع أنحاء العالم، وقد ثبت أن العوامل البيئية بما في ذلك التلوث تؤثر على خصوبة الرجال، مع عواقب وخيمة محتملة على الأفراد والمجتمعات بأكملها.
أين المشكلة؟
ارتفع عدد سكان العالم بشكل كبير خلال القرن الماضي. قبل 70 عامًا فقط كان هناك 2.5 مليار شخص فقط على الأرض، وفي عام 2022، بلغ عدد سكان العالم ثمانية مليارات. ومع ذلك، فقد تباطئ معدل النمو السكاني.
تنخفض معدلات المواليد في جميع أنحاء العالم إلى مستويات قياسية، إذ يعيش أكثر من 50% من سكان العالم في بلدان يقل معدل الخصوبة فيها عن طفلين لكل امرأة، مما يؤدي إلى تقلص عدد السكان تدريجيًا.
تشمل أسباب هذا الانخفاض في معدلات المواليد “التطورات الإيجابية”، مثل زيادة الاستقلال المالي للمرأة والسيطرة على صحتها الإنجابية، ومن ناحية أخرى، في البلدان ذات معدلات الخصوبة المنخفضة، يرغب العديد من الأزواج في إنجاب عدد أكبر من الأطفال، لكنهم قد يتأخرون لأسباب اجتماعية واقتصادية، مثل نقص الدعم للأسر.
في الوقت نفسه، قد يكون هناك أيضًا انخفاض في القدرة الجسدية للفرد على إنجاب ذرية. تشير الأبحاث إلى أن مجموعة كاملة من مشاكل الإنجاب لدى الرجال آخذة في الازدياد، بما في ذلك انخفاض عدد الحيوانات المنوية، وانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، وزيادة معدلات ضعف الانتصاب وسرطان الخصية.
تقول سارة مارتينز دا سيلفا، أخصائية أمراض النساء الممارس: “الحيوانات المنوية خلايا رائعة. إنها صغيرة، تسبح، يمكنها البقاء على قيد الحياة خارج الجسم. لا توجد خلايا أخرى تستطيع فعل ذلك. إنها متخصصة بشكل غير عادي.”
وتوضح أنه يمكن للتغييرات الصغيرة أن تؤثر بقوة على هذه الخلايا عالية التخصص، وخاصة قدرتها على تخصيب البويضة “الجوانب الحاسمة للخصوبة هي قدرتها على الحركة بكفاءة، وشكلها وحجمها، وعدد الحيوانات المنوية الموجودة في كمية معينة”.
البيئة السامة تنقص خصوبة الرجال
تدرس ريبيكا بلانشارد، الأستاذة المساعدة والباحثة البيطرية في جامعة نوتنغهام بالمملكة المتحدة، في تأثير المواد الكيميائية البيئية الموجودة في المنزل على الصحة الإنجابية للذكور، وتستخدم الكلاب كنموذج.
تقول ريبيكا: “الكلب يشاركنا بيئتنا، فهو يعيش في نفس المنزل ويتعرض لنفس الملوثات الكيميائية مثلنا. إذا نظرنا إلى الكلب، يمكننا أن نرى ما يحدث في الإنسان.”
ركّزت أبحاثها على المواد الكيميائية الموجودة في البلاستيك ومثبطات الحريق والأدوات المنزلية الشائعة. تم حظر بعض هذه المواد الكيميائية، لكنها لا تزال باقية في البيئة أو العناصر القديمة. كشفت دراساتها أن هذه المواد الكيميائية يمكن أن تعطل أنظمتنا الهرمونية، وتضر بخصوبة كل من الكلاب والرجال.
تقول ريبيكا: “وجدنا انخفاضًا في حركة الحيوانات المنوية في كل من الإنسان والكلب. كانت هناك أيضًا زيادة في كمية تفتيت الحمض النووي”.
يشير تفتيت الحمض النووي للحيوانات المنوية إلى تلف أو كسر في المادة الوراثية للحيوانات المنوية. يؤدي هذا إلى زيادة حالات الإجهاض المبكر.
ما يفعل النظام الغذائي السيئ والتوتر والكحول بالخصوبة
إلى جانب هذه العوامل البيئية، يمكن أن تضر المشاكل الفردية أيضًا بخصوبة الذكور، مثل النظام الغذائي السيئ، وأنماط الحياة التي تتسم بقلة الحركة، والتوتر، وتعاطي الكحول والمخدرات .
في العقود الأخيرة، كان هناك اتجاه نحو أن يصبح الناس آباءً في وقت متأخر من حياتهم فكان يُعتقد أن العمر لا يمثل مشكلة بالنسبة لخصوبة الذكور. الآن، هذه الفكرة تتغير، حيث يرتبط تقدم عمر الأب بانخفاض جودة الحيوانات المنوية وانخفاض الخصوبة .
هناك دعوة متزايدة لفهم أكبر لعقم الرجال ونُهج جديدة للوقاية منه وتشخيصه وعلاجه، بالإضافة إلى زيادة الوعي بالحاجة الملحة للتصدي للتلوث.
قد تكون ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي بداية جيدة نحو زيادة الخصوبة، حيث تم ربطهما بتحسين جودة الحوانات المنوية.
الصين تتخذ حزمة إجراءات لرفع معدلات الإنجاب.. ماذا فعلت؟
منذ الستينات | انخفاض معدل الخصوبة إلى النصف
لماذا تشجع تايلند شعبها على كثرة الإنجاب؟