تعد الزلازل في الجزيرة العربية ظاهرة جيولوجية مرتبطة بحركة الصفيحة العربية فعلى الرغم من أن المناطق الداخلية من شبه الجزيرة العربية تتمتع باستقرار نسبي، فإن أطرافها الحدودية مع الصفائح التكتونية الأخرى تشهد نشاطًا زلزاليًا ملحوظًا.
تُمثل الجزيرة العربية الجزء الأكبر من الصفيحة العربية، وهي إحدى الصفائح التكتونية التي تشكل القشرة الأرضية، تتحرك هذه الصفيحة ببطء نحو الشمال الشرقي نتيجة لاندفاع المواد من باطن الأرض على طول أخدود البحر الأحمر، الذي يتسع بمعدل 15 ملم سنويًا، وتقع المملكة العربية السعودية ضمن هذه الصفيحة، التي يحدها ثلاثة أنواع من الحدود التكتونية التي تُعرف بالحدود التباعدية، والحدود التقاربية، والحدود التماسية.
ترتكز مناطق الزلازل في الجزيرة العربية على امتداد حدود الصفيحة العربية بمنطقة خليج العقبة، وجنوب غرب المملكة، والبحر الأحمر، وتمثل مناطق الوسط والشرق والدرع العربي أقل نشاطا للزلازل .
وتحدث الزلازل في الجزيرة العربية بفعل عدة عوامل طبيعية، نتيجة انطلاق الطاقة من احتكاك الصخور وحركة الطبقات الأرضية على طول الصدوع الكبيرة، كما يمكن أن تسبب الثورات البركانية واختراق المواد المنصهرة من باطن الأرض للأجزاء الضعيفة من القشرة الأرضية حدوث الزلازل، إضافة إلى سقوط النيازك الكبيرة أو انهيار الكهوف الضخمة تحت سطح الأرض.
وبينما تُظهر معظم مناطق المملكة، مثل الدرع العربي والمسطح العربي، نشاطًا زلزاليًا منخفضًا، فإن قربها من المناطق الزلزالية النشطة يستدعي الحذر؛ فمن الشمال الشرقي، تتأثر المملكة بالنشاط الزلزالي في إيران وتركيا، ومن الغرب والجنوب الغربي، تتأثر بالنشاط الزلزالي في البحر الأحمر، ومن الشمال، تتأثر بصدع البحر الميت، لذلك من الضروري أخذ الحيطة والحذر.
وتم تسجيل عدد من الزلازل في السعودية خلال الأشهر الماضية من بينها؛ زلزالاً في جنوب البحر الأحمر، يبعد مسافة 150 كم غرب مدينة جازان، بقوة 4.68 درجة على مقياس ريختر، كما تم رصد زلزالا في الخليج العربي في 13 يونيو 2025م ، بقوة تبلغ 3.7 درجة على مقياس ريختر”
كما رصدت الهيئة السعودية، في إبريل الماضي هزة أرضية في الخليج بلغ قدرها الزلزالي 3.35 درجة على مقياس ريختر تبعد 85 كلم عن شرق مدينة الجبيل شرقي المملكة، وصرح مدير مركز الرصد بالهيئة المهندس طارق منصوب، في وقت سابق من هذا العام بأنه تم رصد 6 زلازل خلال شهري مارس وأبريل الماضيين، وكلها تقريبا في حدود 3.5 إلى 4.5 درجة.
تعنى هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمهمة رصد الزلازل والبراكين في المملكة، وبموجب قرار مجلس الوزراء رقم 228 (13/8/1425هـ)، أصبحت الهيئة هي المركز الرئيسي للشبكة الوطنية لرصد الزلزال، وتشرف الهيئة على الشبكة بالكامل وتتابع المحطات الحكومية المعنية، بالإضافة إلى تبليغ الجهات الرسمية فور وقوع أي حدث زلزالي، توفير قاعدة بيانات فورية ومستمرة لجميع الجامعات ومراكز الأبحاث في المملكة.
أنشأت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الشبكة الوطنية للرصد الزلزالي، والمجهزة بأحدث الأجهزة لرصد أدق الهزات في المناطق النشطة زلزاليًا، وتتولى الهيئة مسؤولية تقييم المخاطر البركانية والزلزالية في المملكة من خلال إجراء دراسات حول الحركة البركانية، وإعداد الدراسات والتقارير والخرائط الزلزالية للمناطق المعرضة للخطر، المساعدة في وضع خطط للطوارئ، وتحديث كود البناء السعودي للتقليل من الخسائر في الأرواح والممتلكات.
تعرضت المنطقة الجنوبية من شبه الجزيرة العربية تاريخيًا إلى زلازل متنوعة في أعوام 859م ، 1121م ، 1191م ، 1269م، 1481م، 1630م ، 1710م، وكان أعنفها في عامي 1941م ، 1955م ، بالإضافة إلى زلازل أخر شمال اليمن في أعوام 1982م، 1991م، 1993م، نتج عنها سقوط المنازل الحجرية من أعالي رؤوس الجبال، وحدوث انزلاقات وانهيارات صخرية.
ويُعد زلزال خليج العقبة عام 1995 من أبرز الزلازل في الجزيرة العربية، بلغت قوته 7.3 على مقياس العزم، وتسبب بأضرار كبيرة في المدن الواقعة على جانبي الخليج، وشعر به السكان على بعد مئات الكيلومترات، وعلى الرغم من أن الزلازل التي تبلغ قوتها 6 درجات على طول البحر الأحمر قد لا يشعر بها السكان بشكل كبير، إلا أنها قد تشكل خطرًا على البنية التحتية للمدن الساحلية.
كما وقع زلزال متوسط بقوة 5.4 درجة في حرة الشاقة عام 2009، شمال مدينة ينبع، وكان مرتبطًا بنشاط صهاري في أعماق القشرة الأرضية، على الرغم من أن الأضرار المادية كانت طفيفة، فإن هذا الحدث يؤكد وجود احتمالية لمخاطر زلزالية في منطقة الدرع العربي.
شهدت العديد من الدول العربية زلازل قوية على مدار التاريخ، ونستعرض فيما يلي أسوء زلازل تعرضت لها المنطقة العربية خلال القرن الماضي :
المغرب: تعرضت مدينة أغادير المغربية لزلزال مدمر بقوة 5.7 درجات على مقياس ريختر في 29 فبراير عام 1960، كما وقع زلزال أخر في مدينة الحسيمة الساحلية بقوة 6.3 درجات على مقياس ريختر في 24 فبراير عام 2004، وتم تسجيل زلزالا بقوة 7 درجات على مقياس ريختر بإقليم الحوز الواقع وسط البلاد في الثامن من سبتمبر عام 2023.
زلزال سوريا: في 6 فبراير عام 2023، تعرضت المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا لزلزالين عنيفين بلغت شدتهما 7.8 درجات و7.5 درجات على مقياس ريختر، تأثر بهما نحو 15.73 مليون شخص في البلدين، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين،
اليمن: شهدت محافظة ذمار الواقعة جنوب العاصمة اليمنية صنعاء زلزالا مدمرا بلغت شدته 6 درجات على مقياس ريختر في 13 ديسمبر عام 1982.
مصر: يعتبر زلزال 1992 من أسوء الزلازلا التي شهدتها مصر، وشعر به سكان القاهرة في 12 أكتوبر عام 1992 وبالرغم من أن قوته لم تتجاوز 5.9 درجات على مقياس ريختر لكنه كان مدمرا وأسفر عن وفاة حوالي 560 شخصا وجرح وتشريد عشرات الآلاف، إضافة إلى تدمير مئات المباني.
ليبيا: ضرب زلزال بلغت شدته 5.6 درجات على مقياس ريختر مدينة المرج الواقعة في شمال شرق ليبيا في 21 فبراير عام 1963.
اقرأ أيضًا :
إنفوجرافيك| أقوى الزلازل التي ضربت العالم