يحتفل العالم في 13 أغسطس باليوم العالمي لأصحاب اليد اليسرى، لتكريم ما يقرب من 10% من سكان الكوكب الذين يتنقلون في عالم مصمم إلى حد كبير للأغلبية اليمنى. وفي حين أنهم قد يكونون أقلية على مستوى العالم، إلا أن هذه المجموعة ممثلة بشكل مدهش في واحد من أقوى المناصب في العالم وهي رئاسة الولايات المتحدة.
ففي استثناء إحصائي لافت، تكشف الأرقام أن 46% من جميع رؤساء الولايات المتحدة منذ عام 1923 كانوا من مستخدمي اليد اليسرى، وهي نسبة مرتفعة جدًا بحيث لا يمكن اعتبارها مجرد صدفة، مما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة.
لم يكن استخدام اليد اليسرى دائمًا ميزة. فعلى مدى قرون، كان يُنظر إليه بازدراء، وغالبًا ما كان يتم إجبار الأطفال على استخدام يدهم اليمنى، مدفوعين بضغوط اجتماعية ودينية سلبية. ولهذا السبب، لا يمكن ملاحظة هذا الاتجاه الرئاسي إلا في العصر الحديث، بعد أن أصبح استخدام اليد اليسرى أمرًا طبيعيًا ومقبولًا اجتماعيًا، بداية من الرئيس هربرت هوفر، الذي يُعد أول رئيس يُعرف عنه أنه أعسر.
ومنذ توليه الرئاسة، انضم إلى هذا النادي الحصري قائمة طويلة من الرؤساء الذين يستخدمون اليد اليسرى، وهم: هاري ترومان، وجيرالد فورد، ورونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وباراك أوباما. ومن اللافت للنظر أن ثلاثًا من الانتخابات الرئاسية الخمس التي سبقت عام 2016 كانت بين مرشحين يستخدمان كلاهما اليد اليسرى.
وتُعد إحدى النظريات النفسية الرائدة لتفسير هذه الظاهرة هي “نظرية التكيف”. حيث يضطر الأطفال الذين يستخدمون اليد اليسرى منذ الصغر إلى التكيف مع عالم مصمم للأغلبية اليمنى، من المقصات والمكاتب إلى فتاحات العلب وأنظمة الكتابة. ووفقًا لعالم النفس العصبي مايكل بيترز، فإن هذه الضرورة المستمرة للتكيف تمنحهم “نزعة استقلالية” وتجعلهم أكثر مقاومة للضغوط الاجتماعية، وهي سمات يتفق معظم الناس على أنها مفيدة للقادة.
يرى كريس مكمانوس، من جامعة لندن، أن أدمغة الأشخاص الذين يستخدمون اليد اليسرى تختلف في طريقة تنظيمها، مما يسمح لهم بمعالجة اللغة والعلاقات المكانية والعواطف بطرق أكثر تنوعًا وإبداعًا. وهناك أيضًا ارتباط محتمل بالذكاء. فبينما يصعب إثبات ذلك بشكل قاطع، تشير منظمة “مينسا” لأصحاب الذكاء المرتفع إلى أن 20% من أعضائها هم من مستخدمي اليد اليسرى، وهو ضعف النسبة الموجودة في عموم السكان. وبما أن الرؤساء يتمتعون عمومًا بمعدلات ذكاء أعلى من المتوسط، فقد يكون هذا أحد العوامل المساهمة.
وقد لا يتم التوصل أبدًا إلى سبب قاطع لهذه الظاهرة. فسواء كانت نتيجة للتأثيرات النفسية، أو الاختلافات العصبية، أو مجرد مصادفة تاريخية غريبة، يبقى الأمر مؤكدًا: هناك علاقة قوية بين استخدام اليد اليسرى ورئاسة الولايات المتحدة. وهذا يطرح سؤالًا طريفًا حول المستقبل، فبما أن أبرز المرشحين في انتخابات 2016، دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، ليسا من العُسر، فهل انتهى عصر هيمنة اليد اليسرى على البيت الأبيض؟
