شهد العالم في عام 2025 سلسلة من الاكتشافات العلمية التي أعادت تشكيل فهمنا للكون والحياة على كوكبنا. من ابتكارات ثورية في الطب والذكاء الاصطناعي إلى تحولات مذهلة في البيئة والفيزياء، لم يقتصر هذا العام على تقديم معلومات جديدة فحسب، بل فتح أبوابًا واسعة لإمكانيات مستقبلية قد تغير حياتنا بالكامل. في هذا التقرير، نستعرض عشرة اكتشافات علمية بارزة لعام 2025 رصدها موقع listverse تحمل وعدًا بتغيير كل شيء من حولنا.
أول وصلة بصرية ثنائية الاتجاه لمراكز الذكاء الاصطناعي
حقق فريق من الباحثين تقدماً علمياً كبيراً ضمن مشروع "قفزة لايت ماتر ٨ أضعاف" بتطوير أول شريحة ذكاء اصطناعي صغيرة بحجم حبة الملح يمكن تركيبها مباشرة على طرف الألياف الضوئية، في خطوة تمهد الطريق لاتصالات كمومية فائقة الكفاءة وتصوير طبي متقدم.
تعتمد الشريحة على "شبكة عصبية حيودية" لمعالجة الصور باستخدام حيود الضوء الطبيعي، ما يلغي الحاجة إلى مكونات إلكترونية كبيرة أو معالجات خارجية. كما تقلل هذه التقنية استهلاك الطاقة وتزيد سرعة المعالجة، إذ تجري العمليات الحسابية مباشرة عند مرور الضوء عبر طبقات دقيقة دون الحاجة للكهرباء.
يتمثل الأثر المباشر للشريحة في تمكين التصوير الطبي عالي الدقة في الوقت الفعلي داخل الجسم عبر مناظير الألياف الضوئية، إضافة إلى وضع الأساس لشبكات اتصالات كمومية منخفضة الطاقة، ما يعزز سرعة وكفاءة نقل المعلومات في المستقبل.
بلاستيك حيوي من مخلفات الحبوب
تمكن باحثون في جامعة كولومبيا البريطانية من تطوير غشاء بلاستيكي حيوي قوي ومرن وشفاف، يحمل اسم Grasstic، مصنوع بالكامل من مخلفات زراعية مثل قش القمح وأعشاب الحبوب. هذه المخلفات، التي كانت ستُحرق أو تُهدر، تتحول إلى مادة تغليف قابلة للتحلل الحيوي بالكامل، تُنافس البلاستيك التقليدي من حيث القوة والشفافية.
على عكس بعض أنواع البلاستيك الحيوي التي تتطلب محاصيل مخصصة أو سماد صناعي، تعتمد هذه التقنية على الموارد المتجددة المتوفرة بكثرة حول العالم، ما يجعلها أكثر استدامة. تتم معالجة مخلفات النباتات الصلبة لإنتاج بوليمر قوي وشفاف يشبه التغليف البلاستيكي التقليدي، مع ميزة القدرة على التحلل الحيوي بالكامل. ويأتي هذا الابتكار بفوائد بيئية واقتصادية. فهو يقدم بديلاً قابلاً للتحلل لحزم البولي إيثيلين أحادية الاستخدام، ويتيح للمزارعين تحقيق دخل إضافي من خلال تحويل المنتجات الزراعية الثانوية إلى مواد عالية القيمة
جيل جديد من الأجسام المضادة للملاريا
اكتشف الباحثون في أوائل عام 2025 فئة جديدة من الأجسام المضادة للملاريا في دم الإنسان، تستهدف طفيل المتصورة المنجلية المسؤول عن معظم حالات الملاريا الحادة. هذه الأجسام المضادة ترتبط ببنية داخلية أكثر ثباتًا للطفيلي، مما يجعلها صعبة التغيير، وأظهرت فعالية عالية حتى بتركيزات منخفضة جدًا.
ويفتح هذا الاكتشاف طريقًا جديدًا لتطوير لقاحات قوية ضد الملاريا، إذ يمكن تصميم لقاحات تحفز الاستجابة المناعية لهذه الأجسام المضادة مباشرة. ويأمل العلماء أن يساهم هذا التقدم في تقليل مئات آلاف الوفيات التي يسببها طفيل الملاريا سنويًا.
الذكاء الاصطناعي يتحدث مثل الإنسان
شهد عام 2025 تقدّمًا كبيرًا في نماذج اللغة الكبيرة، إذ أعلن عن نموذج جديد يُعرف بـ GPT-4.5 من OpenAI، قادر على إجراء محادثات نصية يصعب تمييزها عن محادثات البشر، بما يشير إلى اجتيازه اختبار تورينج وفق المعايير القياسية.
يمتاز النموذج الجديد باستمرارية دقيقة للذاكرة خلال المحادثات الطويلة، والقدرة على التعبير عن عدم اليقين، وتغيير السياق بسلاسة، وهي مهارات كانت تمثل تحديًا للذكاء الاصطناعي سابقًا. وأشارت التقارير إلى أن GPT-4.5 يظهر إيقاعات حوارية واستدلالًا مفاهيميًا يشبه البشر بشكل ملحوظ.
إذا تأكدت فعالية النموذج، فقد تكون له آثار كبيرة على مجالات القانون، الطب، التعليم، والصناعات الإبداعية، مما يجعله شريكًا تفاعليًا قادرًا على المساهمة في مهام معقدة كانت في السابق حكرًا على الخبراء.
العلاج الجيني للصرع المقاوم للأدوية
يصيب الصرع البؤري ملايين الأشخاص حول العالم، وغالبًا ما تفشل الأدوية في السيطرة عليه، ما يضطر بعض المرضى إلى خضوع جراحي محفوف بالمخاطر. في عام 2025، حقق فريق من باحثي جامعة كوليدج لندن إنجازًا مهمًا بتطوير علاج جيني موجه، ينقل جين LGI1 مباشرةً إلى مناطق الدماغ المتأثرة باستخدام ناقل فيروسي متخصص.
يقوم بروتين LGI1 بتنظيم الإشارات الكهربائية بين الخلايا العصبية، وعندما يكون ناقصًا أو مختلًا يؤدي ذلك إلى نشاط كهربائي مفرط يسبب النوبات. يعيد العلاج الجيني البروتين إلى حالته الطبيعية، وأظهرت التجارب قبل السريرية قدرته على ضبط النشاط العصبي من مصدره.
يُعد هذا التطور تحولًا كبيرًا، إذ ينتقل من مجرد معالجة أعراض الصرع إلى استهداف السبب الأساسي، ويمنح الأمل في علاج لمرة واحدة للأشخاص الذين لم تفد معهم الأدوية التقليدية لفترة طويلة.
اكتشاف مستقبل جديد يزيد قوة واكثافة العظام
اكتشف علماء جامعة لايبزيغ مستقبلًا جديدًا يسمى GPR133 يلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز تكوين العظام، وهو تقدم قد يغير نهج علاج هشاشة العظام المرتبط بالسن.
طور الباحثون مركبًا يُدعى AP503 لتنشيط هذا المستقبل، وأظهرت الدراسات قبل السريرية أنه لا يوقف ضعف العظام فحسب، بل يزيد أيضًا من قوتها وكثافتها، بل ويعكس الضرر المشابه لهشاشة العظام في النماذج الحيوانية.
يمثل هذا الاكتشاف خطوة واعدة نحو تطوير علاجات لا تحافظ على العظام فحسب، بل تعمل على إعادة بنائها عبر المسارات الطبيعية للجسم، ومن المنتظر أن تفتح التجارب السريرية على البشر آفاقًا جديدة لعلاج هشاشة العظام بشكل فعال.
اكتشاف ببتيد حلقي جديد يوقف تليف للأعضاء
الأمراض الليفية، مثل التليف الرئوي وتليف الكبد ومرض الكبد الدهني غير الكحولي، تحدث عندما تنتج بعض الخلايا نسيجًا ندبيًا زائدًا، ما يجعل الأعضاء صلبة ويؤثر على عملها تدريجيًا. في عام 2025، اكتشف علماء معهد ماكس بلانك ببتيدًا حلقيًا قادرًا على استهداف هذه الخلايا مباشرة وإيقاف إنتاج النسيج الندبي.
الببتيد هو سلسلة قصيرة من الأحماض الأمينية تلعب الببتيدات دورًا مهمًا في الجسم، مثل تنظيم العمليات البيولوجية، نقل الإشارات بين الخلايا.
الببتيدات الحلقية دائرية الشكل، مما يجعلها مستقرة وتقاوم التحلل في الجسم، وبالتالي تبقى فعّالة لفترة أطول من الأدوية التقليدية. يرتبط الببتيد الجديد بالآلية التي تنتج النسيج المضر، ويوقف التندب من المصدر.
هذا الاكتشاف يمثل خطوة كبيرة نحو علاجات جديدة ضد التليف، يمكن استخدامها لعلاج الكبد والرئتين وحتى القلب، ويساعد في تقليل نسبة الوفيات المرتبطة بهذه الأمراض المزمنة.
التهوية المعوية لتوصيل الأكسجين عبر الأمعاء
في خطوة طبية مبتكرة، أثبت باحثون يابانيون فعالية التهوية المعوية لدى متطوعين أصحاء. وتعتمد هذه الطريقة على امتصاص الأكسجين عبر الأمعاء باستخدام سائل يُسمى بيرفلوروديكالين، غني بالأكسجين المذاب.
يُعطى السائل عن طريق المستقيم، ليُمتص عبر جدار الأمعاء إلى مجرى الدم، ما يزيد مستويات الأكسجين بشكل ملحوظ ويقدّم بديلاً غير رئوي لتوصيل الأكسجين.
رغم أن التقنية لا تزال تجريبية، إلا أنها قد تصبح علاجًا مساعدًا لحالات الفشل التنفسي الحاد مثل الالتهاب الرئوي الحاد، ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة، أو استنشاق الدخان، إضافة إلى استخدامها كحل مؤقت أثناء الطوارئ عندما يكون التنفس الاصطناعي صعبًا.
تقنية منخفضة الطاقة لاحتجاز الكربون من الهواء
ابتكر كيميائيون في جامعة كوبنهاغن مادة جديدة باسم BAETA لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء، مصنوعة من زجاجات بلاستيكية معاد تدويرها. تعمل المادة عبر عملية امتزاز تعتمد على تغير درجة الحرارة: عند درجات حرارة منخفضة، تمتص ثاني أكسيد الكربون، وعند التسخين برفق تُطلق الغاز بشكل مركز.
تتميز BAETA بانخفاض استهلاك الطاقة، واستقرارها العالي، وقدرتها الكبيرة على امتصاص الكربون، ما يجعلها حلًا صديقًا للبيئة وفعّالاً اقتصاديًا لإزالة الكربون من الغلاف الجوي والصناعة. ومن المتوقع أن تلعب دورًا محوريًا في البنية التحتية المستقبلية للتقنيات المناخية إذا تم توسيع نطاق استخدامها.
اكتشاف ثوري في الفيزياء الكمية
في اكتشاف جديد في عالم الفيزياء الكمية، رصد العلماء حالة غريبة للإلكترونات تتصرف فيها مثل سائل فوضوي، بدلًا من الالتزام بمواقع ثابتة أو التصرف كجسيمات منفصلة.
عادةً، في المواد ثنائية الأبعاد، تشكّل الإلكترونات "بلورة ويغنر"، أي شبكة ثابتة. لكن في هذه الحالة الجديدة، تنفصل الإلكترونات عن الشبكة وتتحرك جماعيًا كسائل، ما يتيح تحكمًا غير مسبوق في حركة الشحنات.
قد يكون لهذا الاكتشاف تأثير كبير على الإلكترونيات المستقبلية، حيث يمكن أن يساعد في تطوير مواد فائقة التوصيل، وحوسبة كمومية أسرع، وبوابات منطقية جديدة تعتمد على التحكم في حركة الإلكترونات بهذه الطريقة.
اقرأ ايضًا:
ما هو أعلى صوت تم تسجيله على وجه الأرض؟














