ما هو أعلى صوت تم تسجيله على وجه الأرض؟

ديسمبر ٧, ٢٠٢٥

شارك المقال

ما هو أعلى صوت تم تسجيله على وجه الأرض؟

قد تبدو الحفلات الموسيقية الصاخبة، الألعاب النارية، والملاعب المليئة بالجماهير مجرد متعة، لكنها في الواقع تنتج مستويات صوت قد تكون خطيرة على السمع، تصل أحيانًا إلى فقدان السمع الدائم، لكن هل فكرت يومًا ما هو أعلى صوت تم توثيقه على وجه الأرض؟ يعتمد الجواب على هذا السؤال على معيار القياس؛ هل يتم اعتمادًا على التقارير التاريخية أم أننا نثق فقط في البيانات العلمية الحديثة؟.

أعلى صوت على وجه الأرض

ووفقًا لموقع لايف ساينس، يُعدّ ثوران بركان كراكاتاو في إندونيسيا عام 1883 من أكثر الأحداث الطبيعية ضجيجًا في التاريخ المسجّل. فقد سُمع دويّ الانفجار على مسافة تجاوزت 3000 كيلومتر، بينما رصدت أجهزة قياس الضغط الجوي حول العالم موجة الصدمة التي خلفها الانفجار.

وعلى بعد نحو 160 كيلومترًا، قُدرت شدة الصوت بما يقارب 170 ديسيبل، وهو مستوى كافٍ لإحداث أضرار دائمة في السمع، فيما أفاد بحّارة على بعد 64 كيلومترًا بأن قوة الصوت كانت كافية لتمزيق طبلة الأذن.

يستطيع الإنسان عادةً تحمّل الأصوات حتى مستوى يقارب 140 ديسيبل، لكن تجاوز هذا الحد يجعل الصوت مؤلمًا وغير محتمل. وبحسب المعاهد الوطنية للصحة، قد يتعرض السمع للتلف عند التعرض لأصوات تبلغ 85 ديسيبل لعدة ساعات، أو 100 ديسيبل لمدة 14 دقيقة، أو 110 ديسيبل لدقيقتين فقط.

وللمقارنة، يبلغ مستوى صوت المكنسة الكهربائية نحو 75 ديسيبل، بينما يصل صوت المنشار الكهربائي إلى حوالي 110 ديسيبل، في حين يمكن أن يبلغ صوت المحرك النفاث قرابة 140 ديسيبل.

تشير تقديرات حديثة إلى أن انفجار بركان كراكاتاو وصل إلى شدة تقارب 310 ديسيبل، وهو مستوى يتجاوز حدود الصوت المألوف. فعند هذه الدرجة، لا تعود الموجات الصوتية تتصرف بشكل طبيعي، بل تتحول عند حدود تقارب 194 ديسيبل إلى موجات صدمية شديدة القوة، تنتج عن تحرك الطاقة بسرعة تفوق سرعة الصوت.

وكانت قوة موجة الصدمة الناتجة عن انفجار كراكاتاو استثنائية إلى حد أنها دارت حول الأرض سبع مرات، في واحدة من أعنف الظواهر الصوتية التي سجلها التاريخ.

أشار مايكل فورلاندر، رئيس معهد تقنيات السمع والصوتيات في جامعة آخن التقنية بألمانيا، إلى أن القوة الحقيقية لانفجار كراكاتاو عند مصدره لا يمكن الجزم بها، لعدم وجود قياسات مباشرة آنذاك. كما أكد فورلاندر، أن العلماء يستطيعون وضع تقديرات لانتشار الصوت، لكنها تبقى افتراضات ذات هامش كبير من عدم اليقين.

من بين الأصوات المرشحة للقب أعلى انفجار مسجّل يأتي انفجار نيزك تونغوسكا عام 1908 فوق سيبيريا، والذي دمر أشجارًا على مساحة مئات الأميال المربعة وأرسل موجات ضغط حول العالم. ويُقدّر العلماء أن قوة انفجار تونغوسكا كانت مماثلة لانفجار كراكاتاو تقريبًا، بين 300 و315 ديسيبل، إلا أنه، مثل كراكاتاو، لم يتم تسجيل الانفجار إلا بواسطة أجهزة بعيدة جدًا عن موقعه.

ما أعلى صوت في العصر الحديث؟

في العصر الحديث، مع توفر شبكة عالمية من أجهزة قياس الضغط وأجهزة استشعار الموجات دون الصوتية، يبرز حدث حديث كأعلى صوت تم تسجيله. يعتقد ديفيد في، أستاذ وباحث في المعهد الجيوفيزيائي بجامعة ألاسكا فيربانكس، أن ثوران بركان هونغا في تونغا يناير 2022 هو أعلى صوت سُجل في العصر الحديث. وأضاف أن هذا الثوران البركاني الهائل أنتج موجة صوتية دارت حول الكرة الأرضية عدة مرات، وسُمعت على بُعد آلاف الأميال، بما في ذلك ألاسكا وأوروبا الوسطى.

يشارك ميلتون جارسيس، مؤسس ومدير مختبر الموجات تحت الصوتية بجامعة هاواي، الرأي نفسه. وصرح "إذا ركزنا على أعلى صوت تم تسجيله في العصر الرقمي الحديث، فلا شك أن ثوران بركان هونغا في تونغا عام 2022 هو المتصدر بلا منازع".

سجلت إحدى أقرب المحطات العلمية لانفجار بركان هونغا تونغا تحت الماء في نوكوالوفا، على بُعد نحو 68 كم، قفزة في الضغط بلغت حوالي 1800 باسكال. وأوضح ميلتون جارسيس أن انفجارًا كيميائيًا بقوة 200 ميغا طن كان سيولد ضغطًا زائدًا يبلغ حوالي 567 باسكال على مسافة 737 كم.

وحاول العلماء تقدير شدة الانفجار على بعد متر واحد من المصدر، فسيكون الرقم حوالي 256 ديسيبل، لكن جارسيس حذر من اعتبار هذا الرقم دقيقًا، موضحًا أن هذه ليست موجة صوتية طبيعية. فبالقرب من المصدر، كان الانفجار أشبه بهواء سريع الحركة يُدفع للخارج، وكان حجمه الكبير جدًا يجعل مقياس الديسيبل التقليدي غير مناسب لقياسه.

أصوات من صنع الإنسان

يرى ديفيد في، أنه من المثير للدهشة أن أقوى موجة ضغط في التاريخ الحديث كانت إلى حد كبير خارج نطاق السمع البشري. حاول العلماء أيضًا إنتاج موجات ضغط هائلة في المختبرات. ففي إحدى التجارب، استخدم الباحثون ليزر الأشعة السينية لتفجير نفث ماء مجهري، ما أنتج موجة ضغط بلغت شدتها حوالي 270 ديسيبل، أي أعلى حتى من صوت إطلاق صاروخ ساتورن 5 الذي حمل رواد فضاء أبولو إلى القمر، والذي تُقدّر شدته بحوالي 203 ديسيبل.

رغم أن تجربة ليزر الأشعة السينية أنتجت موجة ضغط بلغت 270 ديسيبل، إلا أنها كانت صامتة تمامًا، إذ أن الصوت لا ينتقل إلا عبر وسط مادي كالهواء أو الماء أو المواد الصلبة.

وأشار ميلتون جارسيس: "الضغوط في حجرة التفريغ أشبه بالغش، مثل الضغط في الفضاء؛ قد يولّد المستعر الأعظم قوة هائلة، لكنه لا يصدر صوتًا فعليًا". مضيفًا "أما بالنسبة لأقوى موجة صوتية مسجّلة في العصر الحديث، فلا شك أن ثوران بركان تونغا 2022 تتصدر المشهد".

اقرأ أيضًا :

اكتشاف جمجمة بشرية نادرة على شكل مكعب عمرها 1400 عام

علماء يكتشفون قوة حرق الدهون الخفية في الدماغ

البلاستيك القابل للتحلل.. حل للتلوث البيئي أم مجرد وهم؟

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech