بعد سنوات من الانخفاض الحاد في أعداد الطلاب الدوليين بسبب جائحة كوفيد-19، عادت الجامعات الأمريكية إلى استقبال أعداد متزايدة من الطلاب من خارج البلاد. ووفقًا لتقرير “Open Doors” الصادر عن المعهد الدولي للتعليم، بلغ عدد الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة خلال العام الدراسي 2023/2024 نحو 1.13 مليون طالب، في أول مرة يتجاوز فيها هذا الرقم مستويات ما قبل الجائحة.
يمثل الطلاب الدوليون الآن 5.9% من إجمالي طلاب الجامعات الأميركية، بعد أن كانت النسبة 5.6% في العام السابق. ولا يقتصر تأثير هؤلاء الطلاب على الجانب الأكاديمي فقط، بل يمتد إلى الاقتصاد أيضًا؛ إذ ساهموا بنحو 50 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال عام 2023 من خلال الرسوم الدراسية والمعيشة والإنفاق الاستهلاكي.
شهدت الهند طفرة كبيرة في أعداد طلابها المسجلين في مؤسسات التعليم العالي الأمريكية، حيث بلغ عددهم 331,602 طالبًا، مسجلة زيادة بنسبة 23.3% عن العام السابق. وهذا ما جعل الهند تتجاوز الصين لأول مرة كأكبر دولة مصدرة للطلاب إلى الولايات المتحدة.
في المقابل، تراجعت أعداد الطلاب الصينيين إلى 277,398 طالبًا، بانخفاض نسبته 4.2%، ما يؤكد استمرار التراجع الذي بدأ منذ عدة سنوات. أسباب هذا التراجع متعددة، أبرزها توترات العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، بالإضافة إلى تنامي خيارات التعليم العالي داخل الصين نفسها.
إلى جانب الهند، برزت دول أخرى شهدت نموًا ملحوظًا في أعداد طلابها بالولايات المتحدة، منها بنغلاديش التي سجلت نموًا بنسبة 26.1%، ونيجيريا بنسبة 13.5%. كما ارتفعت أعداد الطلاب القادمين من تايوان (6.1%) وكندا (4.0%)، في حين حافظت كوريا الجنوبية على موقعها الثالث في القائمة رغم انخفاض طفيف بنسبة 1.6%.
تظهر لنا هذه الأرقام أن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بجاذبيتها كوجهة تعليمية عالمية، رغم المنافسة المتزايدة من دول أخرى. وفي ظل استمرار الهند في توسيع حضورها الأكاديمي في الخارج، وتحسن مؤشرات التعافي بعد الجائحة، من المتوقع أن يستمر تدفق الطلاب الدوليين بوتيرة متصاعدة في السنوات المقبلة. وبينما تتغير خريطة التعليم الدولي، يبقى الدور الذي تلعبه هذه الفئة في دعم التعليم والاقتصاد الأميركي حاسمًا ولا يمكن تجاهله.