باتت إسرائيل أول كيان يعترف بـ "أرض الصومال" أو "صوماليلاند" رسميًا كدولة مستقلة، وذلك بعد إعلان الاحتلال هذه الخطوة يوم الجمعة، في أعقاب اتصال هاتفي مع رئيس أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله "عرّو".
وأوضح نتنياهو أن قرار الاعتراف ينسجم مع المسار الذي أرسته “اتفاقيات أبراهام”، التي جرى توقيعها بمبادرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكانت تلك الاتفاقيات، التي أُبرمت عام 2020 بوساطة الإدارة الأميركية الأولى لترامب، قد مهدت لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين، قبل أن تنضم دول أخرى لاحقاً إلى هذا المسار.
ما هي أرض الصومال؟
تُعد أرض الصومال، أحد الأقاليم الواقعة في شمال الصومال، وتتميز بتاريخ طويل من الاستقلالية والهوية المميزة عن بقية البلاد. ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، خضعت المنطقة للحماية البريطانية حتى عام 1960، وحصلت على استقلال قصير لم يتجاوز خمسة أيام قبل أن تُدمج مع الصومال الإيطالي في اتحاد سريع، أعقبته صراعات طويلة على السلطة، خاصة مع تركيز القرار السياسي في مقديشو.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، تصاعدت المعارضة ضد نظام الرئيس الصومالي السابق، سياد بري، بعد أحداث عنف أدت لسقوط عشرات الآلاف، قبل أن تطيح به الحركة الوطنية الصومالية عام 1991. وعقب ذلك، أعلنت أرض الصومال استقلالها، وجعلت من هرجيسا عاصمة لها، لتبدأ مرحلة بناء مؤسسات الدولة من الصفر، شملت عملة خاصة، جوازات سفر، وانتخابات ديمقراطية، مع اعتماد دستور شعبي عام 2001، رغم استمرار غياب الاعتراف الدولي.
وتُصنف المنظمات الدولية أرض الصومال على أنها "واحة استقرار" في منطقة مضطربة، حيث سجلت مؤشرات فريدوم هاوس لعام 2024 تصنيفًا جزئيًا للديمقراطية، في حين بقيت الصومال مصنفة "غير حرة". ومنذ 2003، أجرى الإقليم سلسلة انتخابات سلمية، أبرزها انتخابات 2017 التي شهدت مراقبة دولية، وتوجت عام 2024 بانتقال سلمي للسلطة بعد فوز حزب المعارضة، وهو إنجاز نادر على مستوى أفريقيا.
وعلى الصعيد الدولي، حظيت أرض الصومال باهتمام متزايد في الولايات المتحدة، حيث قدم عضو الكونغرس سكوت بيري في يونيو 2025 مشروع قانون للاعتراف بها كدولة ذات سيادة، مدعومًا بتأييد السيناتور تيد كروز، الذي أبرز دور الإقليم في الأمن البحري، مكافحة الإرهاب، ومواجهة النفوذ الصيني في المنطقة.
اتفاق إثيوبي-صومالي يثير توترات إقليمية
في الأول من يناير 2024 تم الإعلان عن توقيع مذكرة تفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا، تسمح لإثيوبيا باستئجار 20 كيلومترًا من الأراضي الساحلية لأغراض بحرية وتجارية. وكان الاتفاق يقضي بأن تصبح إثيوبيا أول دولة تعترف بأرض الصومال كدولة مستقلة، لكن الأخيرة عدّلت لاحقًا موقفها إلى ما وصفته بـ"تقييم معمق". وأدى الإعلان عن الاتفاق إلى تصاعد التوترات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، واندلعت احتجاجات واسعة في منطقة أودال غرب أرض الصومال، وسط تحذيرات من انعكاسات إقليمية محتملة.
وعلى الصعيد الداخلي، فقدت أرض الصومال منذ 2022 السيطرة على جزء كبير من أراضيها الشرقية لصالح قوى موالية للوحدة أسست مجلس الصومال-خاتومو، في حين أدى تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى زيادة التوترات، رغم وساطات شيوخ القبائل. ويهدف الاتفاق مع إثيوبيا إلى استعادة سمعة الرئيس وأرض الصومال الدولية، احتواء المقاومة الداخلية، وإنعاش الاقتصاد.
وشهد شرق أرض الصومال نزاعات دامية، إذ اندلع في ديسمبر 2022 صراع في مدينة لاسانود بين جيش أرض الصومال وعشيرة دولبهانت، مما أدى إلى تأسيس إدارة SSC-خاتومو التي رفضت الانفصال عن الصومال. وبعد حصار دام سبعة أشهر في أغسطس 2023، سيطرت SSC-خاتومو على جزء كبير من المنطقة، مخلفة آلاف الضحايا، وأكثر من 180 ألف نازح، وتراجعًا كبيرًا في إيرادات ميناء بربرة، وتضرر سمعة الإقليم الدولية.
وتسعى إثيوبيا عبر هذا الاتفاق إلى استعادة منفذ بحري فقدته بعد استقلال إريتريا عام 1993، في ظل أزمة ديون كبيرة ونفقات سنوية تجاوزت المليار دولار على جيبوتي مقابل الوصول إلى سواحلها. ويرتبط الاتفاق بسياسات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي شهدت فترة حكمه عدة صراعات داخلية في مناطق تيغراي، أمهرة، وأورومو.
اقرأ أيضًا:
إسرائيل تعترف رسميًا بصوماليلاند كدولة مستقلة لأول مرة














