ترامب يحذر أوروبا من "المحو الحضاري"

ديسمبر ٥, ٢٠٢٥

شارك المقال

ترامب يحذر أوروبا من "المحو الحضاري"

أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وثيقة استراتيجية للأمن القومي، حذرت خلالها من احتمال تعرض القارة الأوروبية لـ"محو حضاري"، متسائلة عن قدرة بعض الدول على الاستمرار كحلفاء موثوقين للولايات المتحدة. وتتناول الوثيقة، التي تصل إلى 33 صفحة، رؤية ترامب للعالم وآليات استخدام القوة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لتحقيق مصالح بلاده.

ووصف ترامب الوثيقة بأنها تمثل "خارطة طريق" لضمان استمرار الولايات المتحدة كأعظم دولة في تاريخ البشرية وأكثرها نجاحًا. وردّ عدد من المسؤولين الأوروبيين على الوثيقة، حيث أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول أن بلاده لا تحتاج إلى "نصيحة خارجية"، مشددًا على أن العلاقة مع الولايات المتحدة ستظل مركزة على القضايا الأمنية، وأن مسائل مثل حرية التعبير وتنظيم المجتمع لا تدخل ضمن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي بالنسبة لألمانيا.

انتقادات للنهج الأوروبي في الهجرة

وعادةً ما تصدر الإدارة الأمريكية استراتيجية الأمن القومي مرة واحدة لكل فترة رئاسية، لتشكّل مرجعية للسياسات المستقبلية والميزانيات، كما تحدد أولويات الرئيس تجاه القضايا العالمية. وجاءت الوثيقة الجديدة بعد خطاب سابق ألقاه ترامب أمام الأمم المتحدة، وانتقد فيه أوروبا الغربية لنهجها في الهجرة والطاقة النظيفة. وتدعو الاستراتيجية إلى استعادة "الهوية الغربية"، ومحاربة النفوذ الأجنبي، ووضع حد للهجرة الجماعية، مع التركيز على أولويات أمريكية أخرى مثل مكافحة عصابات المخدرات.

وتشير الاستراتيجية إلى أن القارة الأوروبية، في حال استمرار الاتجاهات الحالية، قد تصبح "غير قابلة للتعرف عليها خلال عشرين عامًا أو أقل"، وأن اقتصادياتها قد تواجه تحديات جوهرية تهدد ما وصفته الوثيقة بـ"محو الحضارة". وأضافت الوثيقة أن بعض الدول الأوروبية قد لا تمتلك قدرات اقتصادية وعسكرية كافية للحفاظ على مكانتها كحلفاء موثوقين.

واعتبر التقرير أن الاتحاد الأوروبي وهيئات عابرة للحدود تساهم في تنفيذ سياسات "تقوض الحريات السياسية والسيادة"، مع إبراز تأثير سياسات الهجرة على خلق الصراعات. كما ذكرت الاستراتيجية قضايا مثل الرقابة على حرية التعبير، وقمع المعارضة السياسية، وانخفاض معدلات المواليد، وفقدان الهويات الوطنية والثقة بالنفس. وعلى النقيض، أشادت الوثيقة بنمو تأثير الأحزاب الوطنية في أوروبا، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تشجع حلفاءها على تعزيز هذا النهج. وذكرت الاستراتيجية تعاون إدارة ترامب مع حزب البديل من أجل ألمانيا، المصنف على أنه حزب يميني متطرف، ضمن محاولات تعزيز هذه الروابط.

العلاقات بين أوروبا وموسكو

وفي سياق العلاقات مع روسيا وأزمة أوكرانيا، شددت الوثيقة على افتقار أوروبا إلى "الثقة بالنفس" في تعاملها مع موسكو، مؤكدة أن إدارة العلاقات الأوروبية مع روسيا تتطلب مشاركة كبيرة من الولايات المتحدة، وأن من مصلحة واشنطن إنهاء الأعمال العدائية في أوكرانيا. كما اقترحت الإدارة خططًا لإنهاء النزاع تضمنت تسليم أوكرانيا بعض الأراضي لروسيا، مع تعديل هذه المقترحات لاحقًا من قبل مبعوث ترامب في موسكو.

وتركز الاستراتيجية أيضًا على نصف الكرة الغربي، مؤكدة ضرورة حماية الولايات المتحدة من التهديدات الخارجية وإعادة تنظيم وجودها العسكري العالمي لمواجهة التحديات العاجلة، بما في ذلك نقل القوات من مسارح عمليات أقل أهمية للأمن القومي الأمريكي. وأوضحت الوثيقة أن هذا الترتيب أصبح واضحًا في منطقة البحر الكاريبي، حيث يزداد التواجد العسكري الأمريكي، وتشمل عمليات المكافحة ضربات على قوارب مزعومة بنقل المخدرات، مع انتشار أكبر حاملة طائرات أمريكية، يو إس إس جيرالد فورد، ومجموعتها الضاربة في المنطقة.

أما في غرب المحيط الهادئ، فقد أبرزت الوثيقة أهمية بحر الصين الجنوبي كممر مائي حيوي للاقتصاد الأمريكي، ودعت إلى تعزيز القوة العسكرية الأمريكية هناك، مع مطالبة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وتايوان بزيادة الإنفاق الدفاعي. وشددت الاستراتيجية على أهمية الردع العسكري للحفاظ على الوضع في تايوان، التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها، مع عدم استبعاد استخدام القوة.

كما تضمنت الاستراتيجية خططًا لتعزيز قاعدة صناعية محلية قوية في الولايات المتحدة، وتقليل الاعتماد على التقنيات الأجنبية، بما يتماشى مع سياسات إدارة ترامب السابقة، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية شاملة على الواردات العالمية.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech