صور الأقمار الصناعية تكشف عن عمليات دفن جماعية في الفاشر

نوفمبر ٥, ٢٠٢٥

شارك المقال

صور الأقمار الصناعية تكشف عن عمليات دفن جماعية في الفاشر

كشفت صور الأقمار الصناعية عن عمليات دفن جماعية في مدينة الفاشر الواقعة في إقليم دارفور بالسودان، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، وأظهرت الصور الجديدة مشاهد لعدد من المقابر الجماعية التي أُنشئت في مواقع متفرقة، ما أثار مخاوف واسعة بشأن حجم العنف الذي شهدته الفاشر خلال الأيام الماضية.

وتأتي هذه التطورات بينما تستمر الحرب المستمرة منذ عامين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل تصاعد الغضب الدولي من الانتهاكات الميدانية، وتزايد الضحايا المدنيين في مناطق الصراع.

صور الأقمار الصناعية تكشف مواقع المقابر

قام مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية “ييل” للصحة العامة بتحليل صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة “فانتور”، وهي شركة تصوير أمريكية معروفة سابقًا باسم “ماكسار تكنولوجيز”.

وأظهرت الصور حفر مقابر جماعية ثم تغطيتها في موقعين داخل الفاشر، أحدهما في مسجد شمال المستشفى السعودي، والآخر قرب مستشفى أطفال سابق كانت قوات الدعم السريع تستخدمه كسجن.

ووفقًا لتحليل المختبر، فإن الموقع الأول يُعتقد أنه شهد دفن نحو 460 شخصًا، وأشار الباحثون إلى أنه لا يمكن تحديد عدد الجثث بدقة لأن من يقومون بالدفن غالبًا ما يضعون الجثث فوق بعضها البعض في حفرة واحدة.

دلائل مرئية تؤكد دفن الجثث

تحققت وكالة “أسوشيتد برس” بشكل منفصل من الصور ذاتها، وأكدت مطابقتها لما ورد في تقرير جامعة “ييل”، كما أظهرت صور إضافية التقطتها شركة “بلانيت لابز” اختلافًا واضحًا في لون التربة بموقعي الدفن داخل الفاشر، وهو ما يشير عادة إلى أعمال حفر ودفن حديثة.

وظهرت في الصور السابقة أجسام بيضاء اللون على أرض المستشفى السعودي وبالقرب من مستشفى الأطفال، حدّدها الخبراء على أنها جثث بشرية، مع وجود بقع دماء شوهدت بوضوح من الفضاء.

استمرار نفي الدعم السريع رغم كل الشواهد

نفت قوات الدعم السريع الاتهامات الموجهة إليها بقتل مدنيين داخل المستشفى السعودي أو تنفيذ عمليات إعدام جماعية، إلا أن شهادات الفارين من الفاشر، ومقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت، وصور الأقمار الصناعية، كلها ترسم صورة مختلفة عن الأحداث الميدانية.

وبحسب التقارير، بثّت قوات الدعم السريع خلال الأيام الأخيرة مقاطع من داخل الفاشر، بعضها يُظهر منشآت طبية معروفة، إلا أن هذه المقاطع لم تتضمن أي لقطات للمناطق التي وثقتها صور أخرى أظهرت مقاتلين يتحركون بين الجثث ويطلقون النار على أشخاص جالسين على الأرض.

مشاهد تُظهر جثثًا ومركبات محترقة

أظهرت صور التُقطت في 29 أكتوبر على طول ساتر ترابي شمالي خارج الفاشر أجسامًا بيضاء مشابهة لتلك التي حدّدها مختبر “ييل”، إضافة إلى عشرات المركبات المحترقة، وأوضحت الصور لقطات يُعتقد أنها التقطت عقب هجوم كبير، تظهر مقاتلين من قوات الدعم السريع يتنقلون في المنطقة ويتحدثون مع الجرحى.

وأفاد تقرير “ييل” الأخير بأن بعض الجثث التي كانت في الموقع قد نُقلت لاحقًا، وهو ما يعقد ويصعب عملية التوثيق والمحاسبة لاحقًا.

غموض حول حصيلة الضحايا في الفاشر

ما يزال من الصعب تحديد حجم الدمار وعدد الضحايا في الفاشر بدقة بسبب ضعف الاتصالات وصعوبة الوصول إلى المدينة.

ومن بين الضحايا الذين تم تأكيد مقتلهم الطبيب آدم إبراهيم إسماعيل الذي كان يعمل في مستشفى الفاشر، وقُتل برصاص قوات الدعم السريع بعد اعتقاله أثناء اجتياح المدينة، بحسب شبكة أطباء السودان التي وصفت الحادثة بأنها “جريمة شنيعة” استهدفت الكوادر الطبية والإغاثية.

الأمم المتحدة تطالب بالمحاسبة

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إنشاء “آليات للمساءلة” حول ما جرى في الفاشر، مؤكدًا أن “الجرائم المرتكبة مروعة للغاية”.

وأشار إلى أن عمليات الدفن الجارية الآن قد تُعيق الوصول إلى أدلة حيوية، خصوصًا أن المدينة باتت تحت سيطرة جهة متهمة بارتكاب الفظائع نفسها، ما يصعّب أي تحقيق ميداني مستقبلي.

استمرار الحرب واتساع رقعة العنف في السودان

بدأ الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في أبريل 2023، وأدى حتى الآن إلى مقتل أكثر من 40 ألف شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وتشير منظمات الإغاثة إلى أن العدد الحقيقي للضحايا ربما يتجاوز ذلك بكثير، في ظل انقطاع الاتصالات وصعوبة الوصول إلى مناطق الاشتباكات.

وخلال الأيام الأخيرة، شهدت مدينة الأبيض هجومًا بطائرة بدون طيار استهدف جنازة، ما أسفر عن مقتل 40 شخصًا على الأقل، ورغم أن الأمم المتحدة لم تحدد الجهة المسؤولة، فإن وسائل الإعلام المحلية حمّلت قوات الدعم السريع المسؤولية، لكونها استخدمت الطائرات المسيّرة بشكل مكثف في هجماتها.

مأساة إنسانية متفاقمة في السودان

أدت الحرب إلى نزوح أكثر من 14 مليون شخص داخل السودان، وتفاقم الأزمة الصحية والغذائية في ولايات دارفور وكردفان، وأعلن برنامج الغذاء العالمي أن بعض المناطق تشهد “استهلاكًا معدومًا للغذاء”، وأن حالات سوء التغذية والوفيات في ازدياد بسبب القتال المستمر.

وقال مدير الطوارئ في البرنامج روس سميث إن “الناس يقضون أيامًا دون طعام”، مشيرًا إلى أن الفاشر والمناطق المجاورة أصبحت بؤرًا لمعاناة إنسانية قاسية مرتبطة مباشرة بالحرب بين قوات الدعم السريع والجيش.

يمكنك أن تقرأ أيضًا:

كيف يخطط نتنياهو للتهرب من مسؤولية هجوم 7 أكتوبر؟

مجلس الأمن يدعم الحكم الذاتي في الصحراء المغربية

ما سبب استبعاد واشنطن للأونروا من توزيع المساعدات في غزة؟

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech