أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تعيين وزير الدفاع المنتهية ولايته سيباستيان ليكورنو رئيسًا للوزراء، ليكلفه بمهمة صعبة تتمثل في محاولة تحقيق توافق داخل البرلمان المنقسم وتمرير ميزانية عام 2026.
جاء القرار عقب استقالة رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو، الذي غادر منصبه بعد تسعة أشهر فقط نتيجة إخفاقه في دفع خطة تقشفية لم تلقَ قبولًا شعبيًا.
قدّم بايرو استقالته بعدما عجز عن كبح العجز المتفاقم في الموازنة الفرنسية، وخلال خطابه الأخير، حذر المشرعين من أن إقالته لن تغيّر الواقع الاقتصادي، قائلاً إن النفقات ستواصل الارتفاع وأن عبء الدين سيزداد ثقلاً.
وسيصبح ليكورنو ليصبح خامس رئيس حكومة في عهد ماكرون خلال أقل من عامين، ما يعكس هشاشة الوضع السياسي في فرنسا.
وُلد سيباستيان ليكورنو عام 1986 في إقليم “فال دواز” بوسط فرنسا، وبرز اسمه في الحياة السياسية بعد دخوله الحكومة عام 2017 وزيرًا للدولة لشؤون الانتقال البيئي والتضامني.
تولى ليكورنو لاحقًا حقيبة المجتمعات الإقليمية عام 2018، ثم وزارة أقاليم ما وراء البحار في 2020، وفي أكتوبر 2020، انتُخب عضوًا في مجلس الشيوخ عن إقليم “أور”، قبل أن يعود مجددًا إلى الحكومة عام 2022 كوزير للجيوش.
ويعرف عن ليكورنو قربه من الرئيس ماكرون، وهو الوزير الوحيد الذي حافظ على موقعه منذ بداية عهد الرئيس.
يُواجه ليكورنو مهمة مزدوجة: معالجة الأزمة المالية العميقة من جهة، وقيادة حكومة مهددة بالاحتجاجات الشعبية من جهة أخرى، حيث إنه من المتوقع أن تشهد البلاد مظاهرات وقطع طرق غدًا الأربعاء، يتبعها إضراب واسع في 18 سبتمبر.
ويأمل ماكرون أن يمنح تعيين ليكورنو الحكومة فرصة للتفاوض مع الاشتراكيين حول الميزانية، لكن الخلافات السياسية ما زالت حادة، فالاشتراكيون يطالبون بفرض ضرائب على الأغنياء وإلغاء التخفيضات الضريبية للشركات، وهي مطالب لا يقبلها اليمين.
يعتمد رهان ماكرون على خبرة ليكورنو ومرونته السياسية، لكن مراقبين يرون أن مواقفه اليمينية قد تحد من قدرته على بناء التوافق، وبينما يرفض كل من اليسار واليمين الذهاب إلى انتخابات مبكرة قد تمنح مارين لوبان اليمينية المتطرفة دفعة قوية، فإن هذه الحسابات قد تتيح لليكورنو مساحة للعمل، وإن كان ذلك محفوفًا بالمخاطر.
على الصعيد الاقتصادي، تواجه فرنسا ضغوطًا غير مسبوقة، فقد ارتفعت عوائد السندات الحكومية الفرنسية متجاوزة عوائد سندات دول جنوب أوروبا التي كانت محور أزمة الديون سابقًا، كما يخشى المستثمرون من خفض تصنيف الديون السيادية الفرنسية، ما سيشكل ضربة قوية لمكانة البلاد الاقتصادية.
وسياسيًا، تبدو الأجواء مشحونة، حيث أشار استطلاع حديث إلى تقدم حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، فيما يأتي اليسار ثانيًا، وتراجعت كتلة ماكرون إلى المركز الثالث، وهو ما يضع ليكورنو أمام تحدٍ إضافي يتمثل في استعادة ثقة الجمهور الذي فقد إيمانه بالطبقة السياسية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
حماس تعلن نجاة قادتها من الهجوم الإسرائيلي في الدوحة