logo alelm
رغم تخفيف الحصار.. لماذا تستمر المجاعة في غزة؟

على الرغم من الإعلانات الأخيرة الصادرة عن جيش الاحتلال بالسماح بـ “فترات توقف إنسانية” وتنسيق لعمليات إنزال جوي للمساعدات، إلا أن الواقع على الأرض في قطاع غزة يروي قصة مختلفة تمامًا؛ حيث تحولت عملية الحصول على الغذاء إلى معركة بقاء مميتة. ففي ظل تصاعد الإدانات الدولية بسبب تفشي المجاعة، تبدو الإجراءات الإسرائيلية المعلنة بمثابة محاولات شكلية لا ترقى إلى مستوى الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة.

بين الوعود الشكلية والواقع المرير

قوبلت خطط الاحتلال لتسهيل المساعدات بانتقادات حادة من المنظمات الإنسانية التي وصفتها بأنها “مسرحيات” وإيماءات رمزية لا تعالج جوهر المشكلة. فالإنزال الجوي، الذي تم الترويج له كحل، اعتبرته جماعات الإغاثة وسكان غزة على حد سواء إجراءً مهينًا، وغير فعال، وخطير. وقد وثقت شهادات مأساوية لأشخاص كادوا أن يغرقوا في البحر من أجل انتشال بضع علب من البسكويت سقطت من السماء. وبحسب مسؤولة في منظمة أوكسفام، فإن هذه الإجراءات لن تصلح “الضرر الذي لا رجعة فيه الذي لحق بجيل كامل من الأطفال”.

وأدت القيود طويلة الأمد التي يفرضها الاحتلال إلى خلق حالة من اليأس العميق وانهيار كامل للقانون والنظام، مما حول طرقات غزة إلى ساحة وصفها أحد المحللين بأنها “ديستوبيا داروين، حيث يبقى الأقوى”. ويروي سائقو الشاحنات شهادات مروعة عن مواجهتهم لحشود تمتد لكيلومترات، تتألف من مدنيين جائعين وعصابات مسلحة بالسكاكين والأسلحة، يقومون بتجريد الشاحنات من حمولتها بالكامل.

وتفاقمت هذه الفوضى بعد أن استهدف الاحتلال بغارات جوية الشرطة المدنية التابعة لحماس، التي كانت توفر الحد الأدنى من الأمن لقوافل المساعدات، مما تركها فريسة سهلة للنهب. وتُعد هذه البيئة الفوضوية نتاج مباشر لسياسات الحصار الممنهج المفروض على غزة.

كيف يتنصل الاحتلال من مسؤولياته في غزة؟

في مواجهة هذه الحقائق، تواصل سلطات الاحتلال محاولة تحويل اللوم إلى الأمم المتحدة، مدعية أنها تسمح بدخول كميات كافية من البضائع وأن التقصير يكمن في عملية التوزيع. لكن الأمم المتحدة ترد بأن المشكلة الأساسية هي عدم كفاية المساعدات من المصدر، حيث لا يتجاوز المتوسط اليومي للشاحنات الداخلة جزءًا بسيطًا من الـ 500 شاحنة المطلوبة. والأخطر من ذلك، تؤكد الأمم المتحدة أن جيش الاحتلال يرفض أو يعيق أكثر من نصف طلباتها لتنسيق حركة الشاحنات داخل قطاع غزة نفسه، مما يجعل مهمة الوصول إلى المحتاجين شبه مستحيلة.

ويتضح من الوضع الراهن ومع تزايد الضغوط الدولية والاحتجاجات الداخلية ضد حكومة نتنياهو، أن أزمة إيصال المساعدات إلى غزة ليست مجرد تحدٍ لوجستي، بل هي نتيجة مباشرة لسياسات الحصار الممنهج التي تجمع بين فرض حصار شبه كامل، وخلق فراغ أمني، وتقديم حلول شكلية غير كافية، بينما يستمر الثمن الباهظ يُدفع من أرواح المدنيين.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

بعد ترشحه لرئاسة الهلال.. من هو الأمير نواف بن سعد؟

المقالة التالية

سلوفينيا تكسر الإجماع الأوروبي وتفرض حظرًا على تجارة الأسلحة مع الاحتلال