logo alelm
لماذا أشعل ترامب فتيل الحروب التي تعهد بإنهائها؟

دخل الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض على وقع تعهدات مدوية بإنهاء الحروب الكبرى التي تستنزف الاستقرار العالمي، وتحديدًا في أوكرانيا وغزة. لكن بعد مرور ستة أشهر على رئاسته، تبدو هذه الوعود أبعد ما يكون عن التحقق. ففي غزة، وصلت الكارثة الإنسانية إلى مستويات كارثية وانهارت محادثات وقف إطلاق النار، وفي أوكرانيا، ردت روسيا على المساعي الدبلوماسية بأعنف هجماتها الجوية.

ويثير هذا التناقض الصارخ بين وعود الحملة الانتخابية والواقع المرير على الأرض تساؤلات جوهرية حول أسباب عدم وفاء ترامب بتعهداته واتجاه هذه الحروب نحو التصعيد بدلًا من الحل.

وتُعد مهمة إنهاء الصراعات المسلحة هي من أصعب التحديات التي تواجه أي رئيس أمريكي. فالتاريخ مليء بالوعود التي تحطمت على صخرة الواقع المعقد. وكمثال تعهد دوايت أيزنهاور بإنهاء الحرب الكورية سريعًا، لكن الأمر استغرق شهورًا وتهديدات بالتصعيد. وريتشارد نيكسون أيضًا وعد بـ”نهاية مشرفة” لفيتنام، لكن فترة رئاسته الأولى شهدت تصعيدًا للحرب. وحتى باراك أوباما، الذي وعد بإنهاء حرب العراق، انتهى به الأمر إلى حد كبير باستكمال السياسة التي ورثها.

ملف غزة.. انهيار الدبلوماسية وتفاقم المأساة

المفارقة الكبرى في أزمة غزة هي أن إدارة ترامب ورثت اتفاقًا لوقف إطلاق النار كان قد تم تأمينه قبل أيام فقط من تنصيبه، وهو اتفاق أدى إلى ستة أسابيع من السلام وتدفق المساعدات بمعدل 600 شاحنة يوميًا. لكن نهج ترامب كان مغايرًا تمامًا. فمنذ البداية، اتخذ سياسة معاكسة، حيث ألغى منصب منسق المساعدات الإنسانية، وسمح بفرض حصار إسرائيلي غير مسبوق لمدة 77 يومًا على غزة، بل ودعا إلى تهجير جماعي للفلسطينيين.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، لم تكن هناك “منطقة اتفاق ممكنة” بين إسرائيل وحماس، حيث تصر الأخيرة على البقاء في السلطة، وهو ما ترفضه إسرائيل رفضًا قاطعًا. وبدلاً من مواصلة الضغط المتوازن على الطرفين كما فعلت الإدارة السابقة، سمح ترامب لنتنياهو بانتهاك اتفاق الهدنة واستئناف الحرب من جانب واحد في مارس. وكانت النتيجة مأساوية: انهيار كامل للمسار الدبلوماسي، وتفاقم كارثي للأزمة الإنسانية، مما أدى إلى طريق مسدود في ملف غزة ووقف إطلاق النار.

تقلبات ترامب التي عززت موقف روسيا في أوكرانيا

لم يكن الوضع في أوكرانيا أفضل حالًا. ففي غياب أي أرضية مشتركة للتفاوض بين كييف وموسكو، اتبعت إدارة ترامب في أشهرها الأولى سياسة متناقضة. فمن جهة، حاولت استمالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوعود بتخفيف العقوبات، ومن جهة أخرى، رفضت في البداية تجديد المساعدات العسكرية التي كانت تساعد أوكرانيا في الدفاع عن نفسها. وقد فسر بوتين هذه الرسائل المتضاربة على أنها ضوء أخضر للتصعيد، فكثف من هجماته وضاعف من شروطه المتطرفة، معتقدًا أنه يملك اليد العليا في هذه الحرب.

وكانت النتيجة تآكل الموقف التفاوضي لأوكرانيا وزيادة ثقة روسيا بنفسها. ولكن في تحول جذري ومفاجئ، غير ترامب مساره تمامًا قبل أسبوعين، ووعد بتقديم دعم عسكري كبير لأوكرانيا عبر الناتو، وهدد بفرض عقوبات على روسيا ما لم تقبل بوقف إطلاق النار.

إعادة ضبط أم استمرار للفوضى؟

لضمان ألا تكون الأشهر الستة القادمة تكرارًا للفشل، يرى محللون أن على البيت الأبيض متابعة هذه التعديلات الأخيرة في نهجه. بالنسبة لغزة، وهذا يعني إعطاء الأولوية الحقيقية للأزمة الإنسانية وممارسة ضغط حقيقي ومتوازن على جميع الأطراف للعودة إلى طاولة المفاوضات. أما بالنسبة لأوكرانيا، فالطريق أصبح أوضح وهو المضي قدمًا في السياسة الجديدة التي تجمع بين دعم كييف عسكريًا والضغط اقتصاديًا على روسيا. وستحدد قدرة إدارة ترامب على الالتزام بهذه المسارات الجديدة ما إذا كانت ستنجح في تهدئة هذه الحروب، أم أن الفوضى والتقلبات ستظل هي السمة السائدة.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

قبل سارة خليفة.. مشاهير قبض عليهم بتهم تتعلق بالمخدرات!

المقالة التالية

إعادة تشكيل مجلس معهد الأمير سعود الفيصل والموافقة على نظام الإحصاء.. قرارات مجلس الوزراء اليوم