كشفت برقية دبلوماسية أمريكية عن حملة متطورة استُخدم فيها صوت مُصنّع بالذكاء الاصطناعي في محاولة لـ انتحال شخصية وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو. واستهدفت هذه المحاولة، التي وقعت الشهر الماضي، مسؤولين رفيعي المستوى في الداخل والخارج.
وقد أثارت هذه الحادثة، التي تم الكشف عنها يوم الثلاثاء، من خلال البرقية واطلعت عليها وكالة رويترز، قلقًا كبيرًا داخل الإدارة الأمريكية، ودفعت وزارة الخارجية إلى إصدار تحذير لجميع بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية حول العالم. وتأتي هذه الواقعة في سياق سلسلة من الحوادث الأمنية التي تعرض لها مسؤولين أمريكيين وتبرز التحديات المتزايدة في تأمين الاتصالات الحكومية.
وفقًا للبرقية الدبلوماسية، قام شخص مجهول بالتواصل مع ثلاثة وزراء خارجية، بالإضافة إلى حاكم ولاية أمريكية وعضو في الكونغرس، خلال منتصف شهر يونيو الماضي. وتمت عملية التواصل عبر تطبيق “سيغنال” للمراسلة الآمنة. وفي إحدى الحالات، تم إرسال رسالة نصية لدعوة الشخص المستهدف للتواصل عبر التطبيق، بينما في حالتين على الأقل، ترك المهاجم رسائل صوتية تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي لتقليد صوت الوزير روبيو.
وجاء في البرقية أن الهدف المحتمل من وراء عملية انتحال شخصية وزير الخارجية الأمريكي هو “التلاعب بالأفراد المستهدفين” بهدف الوصول إلى معلومات حساسة أو اختراق حساباتهم الشخصية أو الحكومية. ورغم أن الوزارة أكدت عدم وجود تهديد إلكتروني مباشر لأنظمتها نتيجة هذه الحملة، إلا أنها حذرت من أن المعلومات التي يشاركها المسؤولون مع أطراف ثالثة قد تتعرض للخطر إذا نجحت مثل هذه الهجمات.
وأكد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الوزارة على علم بالحادث وتقوم حاليًا بالتحقيق في الأمر. وأضاف أن الوزارة “تأخذ على محمل الجد مسؤوليتها في حماية معلوماتها وتتخذ خطوات مستمرة لتحسين وضع الأمن السيبراني لديها”. وكإجراء وقائي، تم إرسال البرقية الدبلوماسية، المؤرخة في 3 يوليو، إلى جميع البعثات الدبلوماسية والقنصلية، والتي تقترح على الموظفين تحذير شركائهم الخارجيين بشأن تزايد استخدام الحسابات المزيفة ومحاولات انتحال شخصية وزير الخارجية الأمريكي ومسؤولين آخرين.
لا تمثل محاولة انتحال شخصية وزير الخارجية الأمريكي حادثة فريدة من نوعها، بل تأتي في سياق نمط أوسع من الهجمات التي حذر منها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في منتصف شهر مايو. ففي إعلان للخدمة العامة، كشف المكتب أن “جهات خبيثة” كانت تستخدم بالفعل رسائل نصية وصوتية مولدة بالذكاء الاصطناعي لانتحال شخصية كبار المسؤولين الأمريكيين، بهدف الوصول إلى الحسابات الشخصية للمسؤولين الحكوميين.
وأوضح الإعلان أن الوصول إلى هذه الحسابات يمكن استخدامه لاحقًا لملاحقة مسؤولين آخرين أو استخلاص معلومات أو أموال، مما يؤكد أن محاولة انتحال شخصية وزير الخارجية الأمريكي تندرج ضمن هذا التكتيك الجديد والخطير.
ولم يشر المسؤولون الأمريكيون إلى أي مشتبه به في قضية انتحال شخصية وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة. لكن البرقية الدبلوماسية أشارت إلى حملة تصيد أخرى وقعت في أبريل الماضي ونُسبت إلى قراصنة مرتبطين بجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي. وفي تلك الحملة، استخدم المهاجمون عناوين بريد إلكتروني مزيفة وشعارات وعلامات تجارية رسمية تابعة لوزارة الخارجية، وأظهروا “معرفة واسعة” بالوثائق الداخلية للوزارة.
وتأتي كل هذه الحوادث بعد أسابيع من تقارير صحفية أفادت بأن السلطات الفيدرالية تحقق في محاولة انتحال شخصية رئيسة موظفي البيت الأبيض، سوزي ويلز، مما يؤكد أن محاولات انتحال شخصية كبار المسؤولين أصبحت تشكل تحديًا أمنيًا كبيرًا ومستمرًا للإدارة الأمريكية.