يحبس السوق العقاري السعودي أنفاسه مع بدء العد التنازلي لانتهاء المهلة التي حددها ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، للهيئة العامة للعقار فيما يخص العلاقة الإيجارية، والمقررة في 27 من يوليو المقبل. هذا التاريخ لا يمثل مجرد نهاية مهلة، بل يُنظر إليه كنقطة تحول محورية يُنتظر أن تدشن عهدًا جديدًا من الشفافية والاستقرار في قطاع الإيجار، من خلال إقرار نظام متكامل يهدف إلى تنظيم العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر.
يترقب كافة أطراف السوق، من مستثمرين ومستأجرين، ما ستسفر عنه هذه الخطوة الاستراتيجية التي تأتي في سياق التوجه الحكومي الشامل لتحديث الأنظمة وتعزيز جاذبية القطاع السكني. ويظل الهدف الأول من هذا التحرك هو الوصول إلى صيغة متوازنة تضمن حقوق جميع الأطراف، وتضع حدًا لحالة عدم اليقين التي سادت السوق لسنوات، مما يجعل من عملية تنظيم العلاقة الإيجارية ضرورة ملحة.
جاءت التوجيهات بوضع نظام جديد استجابةً لحاجة متزايدة في السوق، خصوصًا مع ارتفاع حجم الشكاوى وغياب الضوابط الواضحة التي كانت سبباً في نشوء العديد من النزاعات الإيجارية. لذلك، من المتوقع أن يركز النظام المنتظر على وضع حلول جذرية لهذه التحديات. يُنتظر أن يتضمن آليات دقيقة وواضحة لحالات الإخلاء وفسخ العقد، وهي من أكثر القضايا إثارة للجدل.
إلى جانب ذلك، فإن أحد أهم جوانب تنظيم العلاقة الإيجارية المرتقب هو وضع معايير محددة لتحديد القيم الإيجارية. وهذه الخطوة من شأنها أن تحد من الزيادات العشوائية وغير المبررة في الإيجارات، وتفرض مستوى أعلى من الشفافية التي يستفيد منها كل من المؤجر والمستأجر. إن السعي نحو تنظيم العلاقة الإيجارية يهدف في جوهره إلى خلق سوق أكثر عدالة واستقرارًا.
ترتكز جهود تنظيم العلاقة الإيجارية على بنية تحتية رقمية قوية أثبتت نجاحها، وهي “منصة إيجار“. وحتى العام الماضي، نجحت المنصة في توثيق ما يزيد على 10 ملايين عقد إيجار، شكلت العقود السكنية منها نسبة 83%. وأسهمت “إيجار” بشكل كبير في تعزيز الثقة بين الأطراف وتحسين كفاءة التعاملات، وهو ما يجعلها الأساس المثالي الذي سيُبنى عليه النظام الجديد.
ويعوّل على التحول الرقمي الكامل في توثيق العقود وتقديم الشكاوى، والذي يُتوقع أن يكون جزءًا لا يتجزأ من عملية تنظيم العلاقة الإيجارية، في التعزيز من سرعة الإجراءات ويقلل من النزاعات. ومع اقتراب الموعد النهائي، تتزايد الآمال بأن يؤدي هذا الجهد الحكومي إلى إثراء قطاع الإيجار العقاري وتحفيز الاستثمار فيه، عبر إرساء قواعد واضحة ومستدامة لعملية تنظيم العلاقة الإيجارية في المملكة.